الجمعة، 17 يوليو 2015

عاص يعود لله- قصة

عاص يعود لله

كنت في الخامسة من عمري حين توفي والدي وترك لأمي مسؤوليات كبيرة أولها وليس آخرها الأبناء السبعة الذين يجب أن ترعاهم والذي يقع ترتيبي بينهم الثالث... أحسست حينها بانعدام الضوابط التي كانت تقيد سلوكياتي وكأني امتلكت حريتي بشكل كامل فجأة دون رقيب أو حسيب... فأمي انشغلت طوال يومها بالعناية بحقل الخضار الذي يجب أن تزرعه وتعتني به، وأختاي الكبيرتين أصبحتا مسؤولتين عن إدارة شؤون البيت والعناية بأخويَّ الصغيرين، كانت أمي تشقى كثيراً لتوفير لقمة العيش للأسرة، وكان كل أملها أن أكمل تعليمي، لهذا رفضتْ أن أترك المدرسة وأنطلق للعمل...
تعرفت على مجموعة من الشباب، أصبحت أهرب من مدرستي، وأذهب معهم ندخن ونلهو ونتلفظ بأبشع الشتائم التي لم تجري على لساني قط في السابق، ونتبادل الفيديوهات المخلة بالأخلاق والدين، وكان من بينا من يدخن الحشيش، ويستعرض حكاياته وبطولاته مع الفتيات وسرقاته...
كنت أعود متأخراً ولكني أحرص أن أكون في البيت قبل أمي... وإذا سألتني أختي عن سبب تأخري، أشتمها وأضربها أحياناً. وتمتنع عن إخبار أمي شفقة بها.
زين لي الشيطان طريق الانحراف... فلم أعد أنا من رباه والده على الصلاة والأخلاق الحسنة ما يقارب خمسة عشر سنة... أما أمي المسكينة فبدلاً من أقف عوناً لها، أعنت نوائب الدهر عليها...
نجحت في إنشاء علاقة مع فتاة دلني عليها أحد الأصدقاء... اتصلت بها... ارتبكتُ قليلاً في البداية... شجعتني على الكلام... عرفتها على نفسي... رحبت بي... وأبدت استعدادها لتكرار الاتصال، كانت جريئة في حديثها معي... أحسست أنني امتلكت الدنيا... واتفقنا على اللقاء...
كان نومي في تلك الليلة سطحي للغاية... سمعت أمي تصلي وتبكي ليلاً بين يدي الله، وتدعوه بحرقة المكلوم...
استيقظت في ذلك اليوم مبكراً... ارتداء ملابسي وغادرت البيت ودعاء أمي يرن في أذني... وكأني بتغير مفاجئ طرأ على نفسي، شعرت وكأنه نوع من الصفاء حل بروح شقية اختارت طريق الشقاء بإصرار...
ذهبت للقاء فتاتي... وكلما اقتربت من المكان شعرت بضيق يسيطر عليَّ، شاهدتها من بعيد تنتظر على جانب الطريق الخالي من المارة...
شعرت باشمئزاز منها ومن نفسي... ومما أنا قادم على فعله... اليوم هو آخر أيام شهر رمضان وأنا أنطلق للمعصية... للزنا... كم أنا حقير وضال!! وانسابت في نفسي آية " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"...
رجعت من حيث أتيت... طالباً من الله المغفرة... ذهبت لأمي قبلت يديها وقدميها وطلبت منها العفو.


د. زهرة خدرج