الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

فلسطينية تروي حكاية الحب والوطن



فلسطينية تروي حكاية الحب والوطن
أكتب سطوري هذه لنفسي وعن نفسي، عن المرأة الفلسطينية في داخلي التي تحكي عشقها للدين والوطن... فأنا امرأة فلسطينية الأصل والمولد، من القدس... بل من يافا والنقب... أقصد من نابلس والخليل...أو من رفح وبيت لحم... وربما من قلقيلية وطولكرم... ومن خان يونس وطبريا ودير ياسين... في تراب فلسطين نبتُّ، ومن مائها ارتويت، ومع حليبها رضعت العزة والكرامة... حتى تغلغلتا في كل خلية من خلايا جسدي... لتصبحا جزءاً من تركيبي البيولوجي، فهل يا تُرى تستطيع أن تحذف جزءاً من تركيب خلايا جسمك، فتفصلها عنك وتستبدلها بتركيب آخر؟؟؟
أنا امرأة ترفض أن لا تكون في لب الأحداث، وجزءً من الأحداث، بل أريد دائماً أن أكون صانعة الأحداث... لا لشيء إلا لأنني امرأة مسلمة عربية فلسطينية... فجذوري التي تمتد في أعماق التاريخ المشرِّف، حتى تصل إلى سمية وخولة وأسماء وأم حرام وبقية النساء المسلمات المجاهدات بكل ما أوتين، تأبى عليِّ أن أخرج من صفِّهن فأكون أقل منهن...
أنا مربية المجاهدين، وأم الشهداء، وزوجة الأسير، وصاحبة البيت المهدوم لا لشيء إلا لأن ابني دافع عن حقه في أرضه وبذل دمه وروحه ليدافع عن المسجد الأقصى... لم يكن ابني يمتلك سلاحاً، فأخذ سكين مطبخ... شحذها وصنع منها سلاحاً يقض مضاجع بني صهيون... ويشعل شرارة انتفاضة تحرقهم بإذن الله... كنت أشعر بشيء ما يدور في خلده حاول كثيراً إخفائه عني، ولكن بريق عينيه كشف لي سره... لم أنبس ببنت شفه، بل حافظت على سره، وادعيت بأنني لم أفهم... ولكن قبل أن يمضي... ضممته إلى صدري استودعته الله الذي لا تغيب ودائعه... ودعوت الله له بالسداد والتوفيق... لم أسمح للدموع التي فاضت في نفسي حتى كادت تحرقها، بأن تنساب على وجنتي اللتين حفر فيهما الزمان المر خطوطه القاسية، في محاولاته المستمرة لكسر ظهري أو على أقل تقدير احناءه إلى الأمام... حتى لا أغرس بذور التردد في نفسه... شيعته حتى باب البيت قائلة له: رجل ما شاء الله... امضِ على بركة الله...
انطلقت بعد مضيه أُرتب البيت وأنظف باحته انتظاراً لعودته... ليس هذا فقط بل حضِّرت باقة من الورد الجوري الذي يحبه مهند لأضعها على صدره عندما  أستقبله شهيداً، وأزفه إلى عروسه في جنات الخلد... فأنا قد ورَّثته حب الدين والوطن مع جيناته التي شكَّلته وتحكمت في جميع صفاته... كل ذلك ولساني لا يفتأ يدعو الله له ولجميع المجاهدين في هذا العالم الظالم... وقلبي يتفطر حباً له... وخوفاً عليه...
لا تعتقدوا أنني أماً قاسية ترسل ابنها للموت دون أن تكترث... لا أبداً... فأنا أم حنون، لدي عواطف رقيقة جياشة أحب أبنائي جداً... ولكنني أحب لهم أن يعيشوا أحراراً بعزة وكرامة...
تابعتُ القنوات الفضائية بدقة وحرص شديد، لأشاهد مهند كيف غدا رجلاً يزلزل كيان الأعداء بأفعاله... ولم يخب ظنِّي فيه... شاهدته، وشاهد العالم أجمع بطولته وشجاعته وجرأته...

فهذا العربي الفلسطيني المسلم البطل ربته امرأة... امرأة فلسطينية حرَّة... ألم أقل قبل قليل بأن الفلسطينية لا تستطيع أن تكون متفرجة على ما يجري بل هي دائماً تكون صانعة للأحداث... فحب فلسطين يبقى المولد داخل نساء ورجال فلسطين يمدهم بالطاقة للاستمرار والتقدم حتى تحرير كامل تراب فلسطين...

الأحد، 25 سبتمبر 2016

في طريقي إلى المجهول



في طريقي إلى المجهول

منذ بداية ارتباطي به كان الخوف سيد الموقف في نفسي، ليس الخوف منه، وإنما الخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظرني… فمنذ صغري كنت أرى الرجال أنانيين اتكاليين يحبون السيطرة المطلقة… كَبُرت وبقيت هذه الصورة في عقلي رافضة أن تتغير رغم ما حظيت به من علم وخبرات في مجالات كثيرة من الحياة… ربما لرؤيتي الكثير من الأمثلة السيئة للحياة الزوجية خلال دراستي وعملي واحتكاكي بالمجتمع من حولي.
فهل سيكون مثل باقي النماذج من الأزواج الذين رأيتهم وعرفت عنهم الكثير؟ هل ستصبح حياتي حكراً له ولأسرته وأنا صاحبة الأحلام الكبيرة والطموحات العظيمة؟ هل سيقبل بأحلامي هذه ويساعدني على تحقيقها؟ أم أنه سيقف عقبة دون الوصول؟ هل سيختزل المعرفة العلمية الواسعة التي أمتلكها في معرفتي بالطبخ وباقي الأعمال المنزلية لأن المعرفة العلمية لا تشبع معدة جائعة؟ وهل سيقوم بتقييم أدائي كزوجة وأم وربة بيت، بما أتقنه من فنون الطبخ ومهارات  ترتيب البيت، أم أنه سيأخذ بعين الاعتبار مهاراتي في الاتصال والتواصل معه ومع المجتمع من حوله، ومهارات تنظيم الوقت ومهرات حل المشكلات ومهرات صناعة السعادة الزوجية ومهارات تربية الأبناء على أسس علمية ونفسية ليصبحوا ناجحين ومبدعين وقادة ودعاة ومجاهدين؟ وهل سيتقبل تقصيري في بعض الجوانب الذي يفرضه علي عملي خارج البيت برحابة صدر وتَقَبُل؟ أم سيعقد المحاكمات لمحاكمتي على كل صغيرة وكبيرة ويطلق بعدها الأحكام التي يراها مناسبة دون إتاحة الفرصة لي بالدفاع عن نفسي؟ وهل سيعاملني كمصباح علاء الدين السحري الذي لم يُخلق سوى لتلبية الطلبات والرغبات وينسى في خضم الحياة الزوجية أنني بشر لديها الكثير من الاحتياجات والطلبات والرغبات أيضاً؟ وهل هو مستعد لاقتطاع جزء من الوقت المخصص له وللأسرة، لي أنا، لنفسي، لأتعلم وأدرس وأكتب وأطلع على آخر المستجدات العلمية والسياسية في ذلك الوقت؟ أم أن هذه الأشياء حكراً للرجال دون النساء في هذا المجتمع الذكوري الذي لا يعترف إلا بالرجال؟ وهل يا تُرى سيحبُني بكل ما فيَّ من مكامن للجمال والذكاء والحكمة والنقائص والعيوب والأخطاء؟
لطالما أرقتني تلك الأفكار والتساؤلات وغيرها وشغلت بالي كثيراً… بل وأبكتني خوفاً من المستقبل القريب الضبابي الذي أسير إليه بإرادتي رغم عدم اتضاح الرؤية أمامي، راغبةً باستكشافه والاطلاع على أسراره… صحيح أنه يحمل الشهادات العليا ولكن الشهادات لا تعني بالضرورة الثقافة وتقبل الآخر والذكاء الاجتماعي الذي يقود إلى نجاح العلاقة الزوجية وتأسيس أسرة صالحة عمادها التفاهم والوفاق، خاصة وأنني شخصية صعبة وحساسة وطموحة وترفض أن تكون امرأة عادية تعيش على الهامش…
تأرجحت مخاوفي ما بين مد وجزر حتى انتقلت إلى بيته لأبدأ مرحلة جديدة في الحياة اسمها الزواج… حيث بدأ يجيب على تساؤلاتي الكثيرة والتي تدور في نفسي ولا تجري على لساني بأفعاله وتصرفاته وأفكاره التي يطرحها، لأجد رجلاً تعجز الكلمات عن وصفه، وجدت أمامي رجلاً ودوداً لطيفاً طيباً يفيض شهامة ورقيّ، لم ينصِّب نفسه قاضياً كما خشيت، ولم يجعل من نفسه عقبة تسد الطريق أمام طموحي وأحلامي ونجاحي وتفوقي كما اعتقدت… بل وجدت فيه خير معين على التقدم والتطور والتميز، رفض طوال الوقت أن أكون خلفه، بل إلى جانبه نسير معاً، نخوض الصعاب والمحطات الكثيرة، يستأنس كل منا برأي الآخر ودعمه… لننجح في نهاية المطاف في تحقيق الهدف الذي من أجله ارتبطنا وقررنا إنشاء أسرة.
قالوا قديماً: إن وراء كل رجل عظيم امرأة، وأنا أقول: إن إلى جانب كل امرأة عظيمة يقف رجل عظيم…

#الدكتورة_زهرة_خدرج

أتذكرك يا أمي

 نتيجة بحث الصور عن حضن أمي



أتذكرك يا أمي

يتذكر الناس أمهاتهم ربما في المناسبات أو في يوم الأم، ولكني أتذكر أمي طوال الوقت، فأدعو لها بالرحمة والمغفرة والقبول، وأطلب من الله أن يجعل لها نصيباً من كل أجر يكتب لي، براً بها ووفاءً لها على ما قدمته لي وفعلته لأجلي… أمي امرأة بسيطة، غير متعلمة، قاست حرمان اليتم ومرارة اللجوء والتشرد في النكسة، وتزوجت صغيرة ليزيح أهلها عن أنفسهم مسؤولية إحدى الفتيات، لتقع تحت طائلة مسؤوليات الزواج والإنجاب… لتكون حياتها من أولها لآخرها عبارة عن عبء ثقيل تحمله على كاهلها طوال الوقت ولا ترتاح منه حتى يختارها الله إلى جواره…

وما مرض القلب والتهاب المفاصل الروماتيزمي وتآكل الغضروف في أسفل الظهر وسرطان الثدي إلا جزء آخر من تلك الأعباء الثقيلة التي أثقلت كاهلها وأقضت مضاجعها ، و التي صبرت عليها وتحملت آلامها واحتسبت أجرها عند الله…

أفخر بها أنها كانت حافظة للقرآن، تجاهد نفسها جهاداً لئلا ينتهي بها الأجل قبل أن تتم حفظه، ولا أستطيع أن أنسى كيف كانت تراجع السور الكبيرة من القرآن أثناء إفاقتها من غيبوبتها و هي على فراش الموت، وكيف كان أداء الصلاة يشغلها حتى وهي تغيب عن الوعي ساعات وتفيق دقائق، حيث تبقى تسأل إن كان قد دخل وقت الصلاة أم ليس بعد، رغم أنها تعود لغيبوبتها قبل أن تتم صلاتها…

ربما لا يعرف الواحد منا مدى قيمة أمه إلا بعد أن يفقدها للأبد، وليس الأم فقط، وإنما كل شيء، فالواحد منا يعتاد على وجود الأشخاص والأشياء من حوله، فتفقد بريقها ورونقها بسبب الاعتياد، ولكن عندما تغيب عنه لفترة طويلة، أو يفقدها تماماً يدرك كم كانت مهمة له و كم يعاني بسبب فقدانهم

صحيح أننا نحب أمهاتنا، ولكننا نحبهن أكثر عندما نفتقد وجودهن…

قبل عدة أيام اشتد بي المرض، و ارتفعت حرارتي، ولم يكن شيئاً يضغط على تفكيري في ذلك الوقت بقدر افتقادي لأمي، وسؤالها عني.. ليس هذا عودة إلى مرحلة الطفولة، ولكنها النفس البشرية التي تبحث دائماً عن من يهتم بها ويشعر بمشاعرها ويقدر آلامها ويعطف عليها… لا لشيء أو لحاجة، وإنما لأن ذلك من طبعه هو ،  وليس هناك من أحد يجمع هذه الصفات مثل أمي وأمك وأمها وأمه… فكن على ثقة تامة أنه لا يوجد شخص يحبك مهما كنت و أينما وصلت ومهما فعلت مثل أمك… هي تحبك لأنك أنت، وليس لأي سبب آخر، بل أنت الأحب لها والأفضل في نظرها… وفي كل حالاتك وأحوالك وظروفك هي تحبك: نجحت أم فشلت، معافى أم مريض، لديك إعاقة جسدية أم عقلية، جميل أنت أم قبيح، قريب أنت منها أم بعيد عنها… كل هذه المتناقضات لا اعتبار لها عندها، ولا تنظر إليها ولا تلقي لها بالاً… لأن قلبها متعلق بك… حتى إن أغضبتها وأسأت إليها ونطق لسانها بكلمات سيئة في حقك أو دعا عليك ،فإن قلبها يكاد يقفز من صدرها رعباً عليك خوفاً من أن يمسك أذى بسبب دعائها، ولسان حالها يقول: ربي لا تجب دعائي عليه… بل اجعله أفضل الناس ووفقه لكل خير وكن معه واحفظه لي…

أمي توفيت بسرطان الثدي بعد معاناة وصراع طويل مع المرض، إلا أنه انتصر عليها في النهاية، لأنها إرادة الله وقدره الذي لا نعترض عليه ، و لكني الآن أندم على كل لحظة كنت أستطيع أن أكون بقربها ولم أفعل، وعلى كل خير كنت أستطيع أن أبرها به ولم أفعل، وعلى كل كلمة طيبة كنت أستطيع قولها لها ولم أفعل… وهذا حالنا أهل الدنيا… تأخذنا الدنيا في خضمها المتلاطم، فننشغل عن أداء أشياء جميلة وأخرى نحبها ، ولا ننتبه لأنفسنا إلا بعد فوات الأوان ، فنندم حينها

من فعل خير يندم لأنه لم يستزد، و من لم يفعله يندم لتركه له… لهذا تذكر أن دنيا دار خسارة وندم على كل الأحوال…

وحتى تتدارك نفسك قبل فوات الأوان اتصل بأمك، اذهب إليها، أسمعها الكلام الطيب الذي يسر نفسها، قبِّل يدها كلما ذهبت إليها أو خرجت من عندها… استثمر كل لحظة لوجودها على هذه الأرض…وإن كنت مثلي قد فقدت أمك… وآواها الثرى… فتذكرها دائماً بالدعاء… تصدق عنها ولو بلقمة خبز لطفل أو طائر، وكن ذا خلق ودين حتى ينالها أجر تربيتها لك وهي في قبرها…

“وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا”.

#الدكتورة_زهرة_خدرج

الخميس، 22 سبتمبر 2016

أسرار في حب الآخر

أسرار في حب الآخر
(1)
يقال إن الملائكة سألت آدم عليه السلام عن حواء وهما في الجنة، فقالوا: أتحبها؟ فأجاب بنعم. وعندما سألت الملائكة حواء: أتحبينه؟ أجابت بالنفي. على الرغم أنها كانت لا تستطيع أن تبتعد عنه... وعندما أُنزلا إلى الأرض بعد أن  أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها، نزل كل منهما في مكان مختلف عن نزول الآخر... فأخذ كل منهما يبحث عن زوجه... فكان آدم يبحث في النهار ويرتاح في الليل... بينما كانت حواء تصل الليل بالنهار باحثة عن زوجها... وعندما التقيا في الجزيرة العربية، فيما يعرف الآن بجبل عرفات، سألها آدم: أبحثت عني؟ فأجابت أيضاً بالنفي.
وهذه القصة تعكس نفسية حواء... فلديها من العواطف الجياشة والحب لزوجها وأبنائها وأسرتها ما لا يمكن وصفه، ولكنها في نفس الوقت لا تعبر عن تلك العواطف بكلامها في الكثير من الأحيان... بل ربما تتلفظ بكلام يناقض ما تحس به من عواطف، وتحتفظ بالكلام لنفسها... ولكن أفعالها وتصرفاتها تظهر هذا الحب وهذه العواطف بكل صفاء وصدق.
(2)
زوجان لطالما استغربت عمق علاقتهما، وشدة حب الزوج لزوجته، بل ازدياد هذا الحب مع تقدمها في العمر... كنت سابقاً أعتقد أن الأزواج يملون من بعضهم بسبب طول الفترة التي يقضونها معاً... وكنت أسأل نفسي: ألا يختلفان؟ ألا يطرأ شيء يعكر صفو حياتهما؟ حتى حدث موقفاً فسر لي تساؤلاتي... الزوج عصبي يثور بسرعة، فيرتفع صراخه، ويرغي ويزبد ويكيل التهم لها... أما هي فتواجه غضبه بالصمت المطبق، لا تناقشه، ولا تعترض على شيء مما يقول... حتى تنتهي موجه الغضب التي اجتاحته... فتغادر المكان الذي يتواجد فيه لتكمل بقية أعمالها... تغيب عنه لفترة من الوقت ثم تعود وفي يدها كوب من الماء البارد أو فنجان من القهوة قائلةً تفضل... وتحتفظ على وجهها بتعابير جامدة... يتناول الكوب من يدها وهو يلاطفها ويحاول التكفير عن ذنبه... تبقى على جمودها معه... فيلتقط يدها متوسلاً بتعابير جسده أن تسامحه... ويفتح معها الكلام في مواضيع تهمها... تتنازل عن كبريائها وتبادله الحديث وتغفر له وكأن شيئاً لم يكن...
الجدل هو أحد الأسباب التي تقضي على الحياة الزوجية... فإن أغضبك زوجك أو ظلمك... لا تجادليه بل اصمتي خلال ثورة غضبه وعاتبيه في ساعة صفاء ولا تدعي التراكمات تغرقك بالحزن والكآبة... بل بادري إلى التخلص منها باستمرار بذكاء... ليفهم شريك حياتك مشاعرك واحتياجاتك بلطف وحب... فيقدرها ويلبيها أيضاً بحب.
(3)
كانت تدخر من المصروف الشهري الذي يعيطها زوجها إياه، وعندما يتجمع مبلغ يكفي لشراء شيء ما، كانت تشتري به، وتعود لتتفاخر أمام زوجها وحماتها وأقرباء زوجها بأن هذه الهدايا من اخوتها وأهلها... وتقول: هم دائماً يشترون لي الأشياء التي أحبها وأحتاجها... على الرغم من أن لكل واحد من اخوتها عائلة كبيرة يعيلها، واخوتها جميعاً موظفي قطاع حكومي (أي أن راتب الواحد منهم بالكاد يكفيه وعائلته).
تتكرر هذه القصة كثيراً بمسميات مختلفة، حيث تعتقد الكثير من النساء أن احترام زوجها لأهلها يزداد إذا أحضروا لها الهدايا ووفروا لها احتياجاتها...
تذكري سيدتي أن احتياجاتك هي من مسؤوليات زوجك طالما تزوجت وأصبحت في بيته... فلإخوتك وأهلك مسؤوليات غيرك، يكفي زوجك أنه حصل على أروع هدية منهم عندما ارتضوه زوجاً لك... فلا تغضبي ربك بالكذب عندما تدَّعين أن الهدايا منهم بينما هي من ماله الخاص.
(4)
كانت تشفق كثيراً على صديقتها أحلام التي توفي عنها زوجها منذ ستة أشهر ولا زالت صغيرة السن وجميلة، خاصة وأنها لزمت بيتها بعد وفاة زوجها ولا تخرج نهائياً... الأمر الذي دفع أبنائها لشراء جميع احتياجات البيت على الرغم من صغر سنهم...
طلبت من زوجها أن يساعدها في إيجاد حل يخرج صديقتها مما هي فيه من حزن وكآبة بسبب وفاة زوجها... صدمت بعد شهرين عندما فتحت جوال زوجها صدفة لتجد صور خطبته من صديقتها أحلام التي أشفقت عليها وطلبت لها المساعدة...
أختاه... لا تكوني عوناً للشيطان على زوجك... لا تصفي له امرأة فتدخل إلى قلبه، ولا تلفتي انتباهه لما غاب عنه من أمور النساء غيرك... فتقع العاقبة عليك من حيث لم تحتسبي.

سحر الكسل

نتيجة بحث الصور عن كسل


سحر الكسل
ماذا نريد من هذه الدنيا؟ لماذا نحن فيها؟ ماذا تريد الدنيا منا؟ أهي متع نحصل عليها؟ أم ساعات ننام فيها حتى الثمالة؟ أم هي كد وتعب بغيض يفرض نفسه علينا لنستطيع الاستمرار في الحياة وإلا لا حياة بدونه؟ هل الراحة الدنيوية هي هدف حياتنا الرئيسي؟ أم أنها حاجة نطلبها بعد كد وتعب طويل لنشحن أنفسنا وهمتنا بالطاقة مجدداً لنمتلك القدرة على إكمال المسير؟ كيف يكون الحال لو انحصر همنا في الحياة بالراحة الدنيوية والرفاهية؟ هل سيكون هناك شيء اسمه تطور وتقدم ونهضة لأمتنا؟ وأي الأمم هي التي تتطور وتتقدم؟ أتلك التي يخلد شبابها إلى الراحة والكسل؟ أم تلك التي يكون الإيمان والعمل شعارها؟ لماذا قيل "ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع"؟ وهل هو من الأمور المفصلية في حياة الأمم أن تزرع الأمة طعامها بنفسها وتصنع لباسها بيديها؟
يقال إن آدم عليه السلام عندما أُنزل من جنة الخلد التي كان يسكنها فكان إن اشتهى شيئاً، ما عليه إلا أن يتمنى ويطلب فيأتيه سعياً، إلى الأرض التي سيعمرها هو ونسله بعد ذلك، جاع هو وحواء زوجته، واشتهت نفسه الخبز، فعمد إلى الأرض فحرثها وبذر القمح فيها، وانتظر حتى نضجت سنابل القمح وتذهَّب لونها بعد عدة أشهر فحصدها، واستخرج حبيبات القمح من بين القش، التي طحنها وعجنها وخبزها ليأكل القمح في نهاية المطاف خبزاً يسد رمقه... فعلم البشر منذ ذلك الحين أن الأرض هي مكان للكد والتعب والشقاء... فإذا كان الحصول على لقمة العيش قد استهلك من أبينا آدم كل هذا العناء فكيف بباقي متطلبات الحياة؟
ولكن لا يجب ننسى أن للكسل سحرٌ خاص، فالفراش يجذبك إليه... دفئه، نعومته، الراحة التي تجدها فيه لذيذةٌ يصعب مقاومتها... والقعود وممارسة ما تحب وتلبية رغباتك أيضاً لها جاذبيتها التي لا يستطيع كثيرون مقاومتها. ولكن... هل الخلود للراحة والقعود وممارسة الرغبات واللذائذ بمختلف أنواعها التي لا يمكن حصرها يمكنها أن ترقى بك وتعلي قدرك؟ هل الخلود للراحة والكسل يجعلانك تتذوق طعم النجاح ويدرئان الأعداء عن بلادك ويقدمان أمتك لقيادة الأمم؟
أليس الشباب وقود الأمم؟ كيف يكون حال الأمة بشباب جعلوا همهم متع الحياة اللحظية الزائلة، فلم يطلبوا العلم أو يقاوموا المحتل أو يبنوا بلادهم فيبذلون قصار جهدهم في الوصول لما يريدون، فلم يناموا الليل إلا قليلاً، ولم يلعبوا أو يضيعوا أوقاتهم في النهار، ولم تفتر عزائمهم، لأن هناك أمةٌ وأوطان بحاجة لجهدهم وعلمهم وجهادهم؟ كيف يكون الحال إذن إذا ابتعد الشباب الذين يملكون الصحة والطاقة للعمل عن أي طريق فيه مغامرة وابتكار وإبداع، واختاروا فقط طريق الوظائف التي يدفن الشاب فيها طاقاته وهمته لأن فيها راحة وراتب ثابت، حتى أصبحت البلاد من أولها لآخرها ليست إلا طوابير من الموظفين الذين لا يقدمون شيئاً يذكر للوطن، إنما هو مسمى وظيفي يحصلون عليه له دخل ثابت في نهاية كل شهر (مهما قل هذا الدخل)؟
ما أحوجنا لشباب ينفضون عن أنفسهم غبار الكسل يضعون نصب أعينهم هدف عظيم، يعملون لأجل الوصول إليه ليل نهار، لا تفتر عزائمهم ولا تتبدد طاقاتهم، لأنهم يجدون في هدفهم الذي يصبون لتحقيقه مولداً للطاقة يشحن همتهم باستمرار.
ما أحوجنا لشخصيات عظيمة كعمر بن الخطاب والعز بن عبد السلام وعماد الدين زنكي، ومحمد الفاتح، والشهيد المجاهد سيد قطب والشهيد الشيخ عز الدين القسام، والحاج المجاهد الشهيد عبد الفتاح خدرج، والشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي والشيخ المجاهد خضر عدنان... الخ... من الأسماء العظيمة اللامعة في تاريخ أمتنا... الذين كانوا أطفالاً عاديين ولكنهم وضعوا نصب أعينهم أهدافاً عظيمة... ربما كان من حولهم يشفقون عليهم منها لكِبرها بالنسبة لهم ولكنهم آمنوا بها وبقدرتهم على الوصول إليها... فحققوا ما لم يستطع غيرهم تحقيقه... فلم يتمكن التاريخ المرور عنهم هكذا مر الكرام إنما أصر أن يخلد لنا أسمائهم وذكرهم.  وأنا أؤمن بأن كل منا يستطيع أن يصبح كهؤلاء... إن نفض غبار الكسل عن نفسه ولم يسحره بريقه الأخاذ فيفسد عليه دنياه وآخرته...
إخوتي في الله... ليسأل كل منا نفسه: ماذا يريد من هذه الدنيا؟ ولا تنسوا أن الأمر لا ينتهي بنهايتك في هذه الدنيا لأن هناك حياة عند الله نسأل الله أن تكون أفضل مما نحن فيه الآن، فليضع كل منا نصب عينيه هدف عظيم يريده وليجهد نفسه في الوصول إليه... فأمتنا بحاجة للعلماء، والفقهاء، والأطباء، والمجاهدين والمهندسين والبنائين والأمهات والآباء وغيرهم... نحن بحاجة لمن يتقن عمله ويقدمه لله ولرفعة أمته على أكمل وجه... على أن لا يؤثر مصلحته الخاصة على مصلحة الأمة...
انفضوا غبار الكسل عن أنفسكم وانطلقوا للعمل فالوطن بأمس الحاجة لكم ولطاقاتكم.
وقبل أن أغادركم أذكركم بأبيات الشعر القائلة:
تجري الرياح كما تجري سفينتنا**** نحن الرياح و نحن البحر و السفنُ
إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ**** يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجن
فاقصد إلى قمم الأشياءِ تدركها**** تجري الرياح كما شاءت لها السفن


قيود غير مرئية

نتيجة بحث الصور عن قيود

قيود غير مرئية
تزخر حياتنا بالكثير من القيود التي تقيد تفكيرنا وحركتنا بل وإبداعنا وتطورنا وانطلاقنا لنغير أنفسنا وواقعنا الرديء الذي نعيشه وتقدمنا لتحرير أرضنا من كل محتل وظالم وطاغي... هذه القيود تجعلنا فريسة سهلة الذل والخنوع، تفقدنا شجاعتنا وثقتنا بأنفسنا بل وبإيماننا بخالقنا فنصبح مجرد جبناء مترددون سلبيون نخاف الريح إن عوى والرعد إن قصف مقتنعون أن العالم كه يجب أن يتغير بينما نحن غير قادرين على تغيير أنفسنا...
إذا قيدك أحد ما ستشعر نفسك بأنك أسير، مستعبد، مسلوب الحرية... وستقاوم وربما تدفع روحك فداء لفك تلك القيود... لأنك تأبى الذل على نفسك، وتأبى أن يجرك أحد كائن من كان بتلك القيود إلى حيث يشاء... بينما تجدنا نقيد أنفسنا بقيود غير مرئية، فنتعايش معها ونتقبلها ونتصور أنفسنا أحراراً... على الرغم من أنها تستعبدنا ولكنها تخدعنا لأنها نشأت معنا في عقولنا وقلوبنا وأرواحنا فلا نشعر أنفسنا عبيداً...
هذه القيود خبيثة سيئة لأنها تفرض نفسها علينا فلا نرفضها بل نتقبل وجودها ونتعايش معها على أنها أمر واقع... نحن لا نستطيع رؤيتها، فهي ليست لدائنية مرنة، أو نسيجية لطيفة، كما أنها ليست معدنية صلبة أو زجاجية هشة، إنما هي قيود معنوية ونفسية قاسية مماطلة ومتلونة كما الحرباء، تختفي في قرارات عقولنا وقلوبنا ونفوسنا، تخيفنا من المجهول ومن خوض أي تجربة جديدة لا نعرف عنها شيئاً... فنحجم عن المسير، ونلزم أماكننا ولا نتقدم نهائياً لا لشيء إلا لأننا نخاف، ونحسب ألف حساب لكل خطوة قبل أن نخطوها... فترانا ننهزم قبل أن ندخل المعركة ونهرب قبل أن نصل بعد إلى بداية الطريق.
تتمثل هذه القيود في مخاوفنا، وأوهامنا، وظنوننا، وسلبيتنا، وعاداتنا السيئة، وسيطرة رغباتنا علينا، وحصرنا للخيارات أمامنا، والتقليل من قيمة ما نملكه من قدرات وما نقدمه من ابتكارات وإبداعات، وعدم قدرتنا على التخلص من الهزائم النفسية التي ألحقناها بأنفسنا بسبب تضخيمنا لقوة الأعداء وإمكانياتهم وتصغيرنا في الوقت ذاته  لقوتنا وطاقاتنا... فنبقى حبيسي الأوهام وسجنائها... فأن تحمل الخوف معك أينما تذهب... أن تحمله في داخلك، ليحدد لك خطواتك ويقيد قراراتك... يعني أنك أسير له... سجين بين جدرانه، في زنازينه، ترفل في قيوده...
لا تنحصر مشكلتنا في أننا نحاصر أنفسنا بالمخاوف والأوهام والاعتقادات والعادات التي نشأت معنا وإنما تمتد لتؤثر في الطريقة التي نحيا بها والقيم التي نرضاها لأنفسنا، والحق الذي نتخلى عنه في كثير من الأحيان والمواقف ليس لأننا لا نعرفه، فمعظمنا يعرفه تمام المعرفة، ولكن لأننا نتخاذل فلا نستطيع رفع أصواتنا مجلجلة يسمعها الجميع مقرِّين بأن هذا هو الحق، وهذه هي سبيله... فلا نقف إلى جانبه ولا نسانده ولا ندعم خطاه... بل غالباً ما نكتفي بأضعف الإيمان، فننكر الباطل في قلوبنا فقط، وتعجز ألسنتا عن الإفصاح بأن هذا باطل بوَّاح... والسبب هو القيود غير المرئية، فالخوف يأسرنا ويسيِّرنا على دربه... وبما أن الباطل أحد أقرب حلفاء الخوف وأشدهم تأثيراً وبطشاً... فنحن على استعداد لأن نمالئه ونخطب وده عساه يكف أذاه عنا... فتسقط ورقة التوت غصباً عنا لتتكشف عوراتنا وينفضح سترنا ونزداد هزيمة فوق هزائمنا...
ما أحوجنا للأباة الأحرار، الشجعان الواثقون من أنفسهم، الإيجابيون الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فلا القيود تقيدهم ولا الشدائد تهزهم، الذين إن تعثروا لأي سبب كان لا ينهزموا ويقعدوا إنما ينفضون الغبار عن أنفسهم وينتصبوا مرة أخرى ويسيرون للأمام بخطى واثقة معتمدة على الله... يخوضون غمار التجارب الجديدة ويبتكرون الحلول لجميع المشكلات بعد العديد من الإخفاقات... ولا ينسون أن لمن يجتهد ويخطئ أجر واحد ولمن يجتهد ويصيب أجران... لهذا هم دائمو الحركة والمحاولة، لا يضرهم من خالفهم...

هموم امرأة متمردة

نتيجة بحث الصور عن ظلال امرأة
هموم امرأة متمردة
سنوات طويلة مرت عليها استطاعت خلالها أن تطوع تلك المرأة المتمردة داخلها وتكبتها... فلا تعود للظهور... غيبتها في سجون نفسها العميقة... البعيدة كل البعد عن الضوء... استطاعت في السنوات الأخيرة أن تقبل بالأمر الواقع، وترضخ لكل ما يجري حولها دون اعتراض، ودون تمرد، أصبحت تتصرف كامرأة ناضجة كزوجة جيدة وأم حنون وتحصر نفسها في هاتين الوظيفتين وتقنع نفسها أنها خلقت لتلك الوظائف فقط، وتترك الوظائف الأخرى التي تحدثها بها تلك المتمردة داخلها لغيرها من الناس... تتماشى مع الواقع وتعيش معه جنباً إلى جنب... مهما حدث تتعامل معه بالقبول... ومهما قدم لها الآخرون من أشياء بسيطة قبلتها بفرح شديد وكأنهم أهدوها شيئاً عظيماً... أبسط الكلمات تعتبرها إطراءً ضخماً...
أما الآن وبعد مرور أوقاتاً طويلة... لا تدري ما الذي أعاد تلك المتمردة للظهور مرة أخرى داخلها، ما الذي أيقظها؟... تفرض تمردها بقوة عليها... بعد أن اعتقدت أنها استطاعت كبح جماحها وتقييدها ثم مسحها من خلايا ذاكرتها...
ربما لأنها تكره المألوف... كرهت كونها انثى منذ صغرها، وكرهت كل ما يربطها بهذه الحقيقة... لأنها تكره أن تكون ظلاً أو نكرة، تريد دائماً أن تكون في الصدارة وتظهر بقوة أمام سمع الجميع وبصرهم... ليس حباً في الظهور أو الشهرة؛ وإنما جزءاً من رغبتها الجامحة في التأثير في الآخرين لتترك بصمتها في النفوس... عساه في يوم قادم يأتي التغيير فيتغير الأفراد ويتغير المجتمع وتتغير الأمة... فتستعيد مكانتها الرفيعة بين الأمم. ربما هذه الأسباب هي ما أيقظت تلك المتمردة مرة أخرى.
حزينة وحساسة جداً هي دائماً... تفكر بالأشياء بطريقة أخرى مختلفة ليست كتلك التي تفكر فيها معظم النساء... ما يؤرقها دائماً أنها لا تقبل لنفسها أن تمر من هذه الحياة هكذا... مر الكرام... بل لا بد وأن تترك فيها أثرها بقوة... تقلقها بشدة هموم أمتها وآلامها... يؤلمها ويبكيها ويحزنها دائماً حالهم، من استباحة لدمائهم وديارهم وأعراضهم وبؤسهم وفقرهم وتضيف أيضاً لتلك الهموم المرض والجهل والحصار... تشعر بالمسؤولية تجاه كل ما يجري... أبداً لا ترضى لنفسها بأن تقول: وما دخلي أنا؟ بل تفكر طوال الوقت بما تستطيع أن تفعله لتساهم في تخفيف تلك الآلام والمعاناة...
يقولون لها: "أأنت من سيقيم الدين في مالطة؟" و "رب العباد أخبر بالعباد"... ولكن نفسها تأبى عليها ذلك... ترفض أن تكون سلبية، أو متفرجة على ما يجري من أحداث... بل لديها قناعات راسخة بأنها يجب أن تشارك في صنع الأحداث... فلماذا لا تكون الشرارة التي تنطلق فتشعل ناراً تحرق الظلمة والطغاة؟  
تسر همومها للورق... فينزف حبرها أنهاراً من الكلمات التي تنفجر من داخلها صارخة رافضة للذل والاستعباد... مطالبة بالحرية والعزة والكرامة... هي لا تريد ماديات تافهة تجعلها رهناً للحاضر، لا تريد جواهر وحلي وملابس مزركشة، ماديات تتملكها كما يتملك السيد إمائه... هي تريد أشياء كبيرة، وربما خطرة... من تلك التي يحتكرها الجنس الآخر لنفسه... ويستبعدون مشاركة الأنثى فيها... تريد مشاركتهم في استعادة المسلوب من الحقوق والحريات... والعزة والكرامة...
تنظر في الأفق المتوهج بلون وردي قبل مغيب الشمس فترى يوماً يترنح ذابلاً يقاوم النهاية التي ستطوي صفحته ليذهب إلى غير رجعة بكل ما يحمله من آلام وآمال وذكريات موجعة... ليتبعه ليلٍ شديد الظلمة... لا تحزن لكل ذلك... فهي ترى فيه اقتراب لفجر يأتي بعد مخاض عسير... يحمل في طياته نور وليد نقي طاهر... وربما يحمل في ثناياه ما تبحث عنه أيضاً...

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

إلى أين المفر

نتيجة بحث الصور عن ضياع الاحلام
إلى أين المفر؟؟
عندما تحاصرك الهموم، وتحكم قبضتها عليك الآلام، وتصبح الأيام نسخة واحدة تتكرر بنفس ذات الشكل واللون والطعم والأحداث المرَّة، لا شيء يتجدد فيها سوى الحصار والتضييق والفتك والكوارث التي تتوالى تترا، فتُرهق نفسك وتخنقك، وتصبغ الحياة في ناظريك بلون الليل الحالك... أتبكي؟؟ حيث لا يجدي البكاء ولا العويل... أتصرخ؟؟ وليس هناك من يسمع صرخاتك... أتهرب؟؟ ولكن إلى أين الهروب؟؟ إلى بلاد المهجر التي تضيق بكل جديد غريب مشرد جائع عاري منهك مرهق يطأ ثراها... أتجدد رحلة اللجوء من جديد؟؟ فإلى أين؟؟ أتعود لاجئاً مرة أخرى، ولكن هذه المرة خارج وطنك؟ وأنت الذي ولدت لاجئاً في وطنك بعد أن ضمتك والدتك في رحمها وهربت بك من قريتها إلى مدينة أخرى باحثة عن مأوى آمن، لتنقذك وتنقذ نفسها من فتك العصابات الصهيونية المجرمة التي لم تكن تميز بين طفل، ورجل، وامرأة، ومُسن...
ألم تعلمك الظروف والتجارب الصعبة التي مررت بها أن "المهاجم هو الأقوى"؟ وأنه" ما ترك الجهاد قوم قط إلا ذُلوا"؟ أنهرب ممن يقتلوننا ويظلموننا ويسرقون أرضنا؟ أنسترضيهم ونخطب ودهم بشتى السبل؟ وقد أثبتت الوقائع والأحداث السابقة أنه يستحيل إرضاؤهم، ما يرضيهم فقط هو أن ترحل عن أرضك وتملكهم إياها، فهم لا يريدوك حياً عليها، بل يرغبون بك إما ميتاً عليها، وإما راحلاً عنها، لاجئاً إلى غيرها... أنتفاوض معهم على العيش معاً بسلام جنباً إلى جنب؟ وهم قد أثبتوا لنا على مدار العقود السابقة أنهم لا يفهمون منطق السلام، فلا اتفاقيات تلجم جرائمهم، ولا معاهدات تقيد رغبتهم المسعورة بالسيطرة على كل شيء وصبغه بصبغة صهيونية سفيهة وماجنة، مغرقة بعقائد وطقوس وأساطير شاذة بعيدة عن المنطق والمفاهيم الإنسانية.
ألم تثبت الحروب الثلاث الأخيرة معهم أنهم لا يفقهون سوى منطق القوة؟ ألم يظهر جلياً أنه لا شيء يردعهم سوى معاملتهم بالمثل، والتفوق عليهم عقلياً وتكنولوجياً وعسكرياً؟
إذن هو البقاء في الوطن والتمسك به والدفاع عنه بكل ما نملك. فبقاؤنا عل ثراه مقاومين مجاهدين حتى الرمق الأخير هو الخيار الوحيد المتبقي، الذي يحفظ لنا كرامتنا ووجودنا. فأن تغرق في مياه بحر مالحة يصبُّها طغاة ظالمون ويحاصرونك بها داخل وطنك أكرم وأشرف ألف مرة من الوقوع ضحية خداع وغش مهربين في عرض البحر أو الغرق داخل قوارب مطاطية في محاولات بائسة للهروب لأوروبا، وإن لم يكن قدرك ينتظرك في عرض البحر، فربما يكون هناك بانتظارك على حدود دول أوروبا، يأتيك على يدي شرطة تتربص بك وتحاول جهدها لإذلالك والمساهمة في تشريدك ورسم مأساتك وتلوينها بألوان جديدة عساها تكون أكثر جاذبية لمن عملهم وهوايتهم المتاجرة بأمن البشر وكرامتهم.

إذن هو الثبات والصمود... والبقاء على سنة رسول الله وعلى طريق المقاومة مجاهدين منتظرين لإحدى الحسنيين.

الضياع ومشاعر أخرى

نتيجة بحث الصور عن ضياع الامل

الضياع ومشاعر أخرى

حضر آب يزيدها ألماً إلى ألمها، طويلاً مملاً شديد الحرارة كعاديه، جاء يصب جام غضبه وقسوته على الأرض وساكنيها بحمم كحمم بركان ساكن ثار على حين غرة فأصاب المحيطين به بالارتباك الشديد فأخذوا يدورون حول أنفسهم بعشوائية لا تستقر على حال.
حرك آب داخلها شعوراً كامناً بالفراغ، بالضياع، بفقدان الأمل... تجهد نفسها وفكرها لتفعل شيئاً، لتكمل طريقاً خطته لنفسها وبدأت تسير فيه، ولكنها توقفت فجأة، هكذا دون مقدمات... وجدت نفسها وكأنها فقدت ما لديها من طاقة تحركها وتدفعها للاستمرار... حاولت البحث عن السبب، ولكنها بدت كمن يجري وراء سراب.
رغم ذلك الارتباك وجدت أن المشاعر الراقية لا زالت تتدفق في نفسها، إلا أنها عجزت هذه المرة أن تكون كسابق عهدها، فتلهمها وتمدها بإبداعات جديدة لتكمل المسير... قسوة السؤال عن السبب تفرض نفسها عليها... فتقع في الحيرة ذاتها التي تتركها ضحية للأوهام. أهي العودة إلى نقطة الصفر؟ أم هي بداية لمرحلة جديدة من الضياع والفوضى؟ هي لا تعلم تماماً... ما تعلمه فقط هو أنها لا تستطيع البقاء متجمدة في ذات المحطة...
من وسط الأمواج المتلاطمة تمتد يده إليها بقوة وثبات، تساعدها... تنقذها من حيرتها وضياعها، كعادته عندما تقع في مأزق... يتقدم نحوها بخطوات شجاعة جريئة... حتى في كوابيسها الليلة يسرع لينقذها، فيقتل الأفاعي التي تحاول الالتفاف حول عنقها محاوِلة خنقها، وينقذها من أن تهوي من مكان مرتفع...
في ذات يوم قررت الثورة على كل شيء، فأعلنت تمردها عليه، وعلى نفسها، وعلى الظروف التي أحكمت قبضتها عليها، لاذت بصمت مقيت وعزلت نفسها في مكانها الخاص بين أوراقها... وحيدة تقلب الكلمات وتتذوقها...
تقبَّل تمردها لم يعترض ولم يغضب، بل عزى ما تمر به إلى التغيرات النفسية والجسدية التي تمر بها، واستمر في الوقت ذاته يدعمها، يشجعها، وينتظر نجاحها وتقدمها للأمام... لم تعد تجد للكلمات طعماً ولا للحياة لوناً... اصطبغت الحياة كلها بلون واحد... رمادي قاتم كلون السماء في يوم شتائي باكٍ اختفت شمسه وتلاشى كل أمل لها بالظهور...
انطلقت تثرثر بقلمها بكلام مبعثر لا معنى له، وتسر أوراقها بكلام خرج متمرداً كما الروح التي تحتجزها داخل هذا الجسد البائس، فإذا به يخط رسالة نطق فيها بكلام لطالما عجز لسانها عن البوح به... فقال ما لم يقله لسانها:
"اعذرني، فأنا لا أستطيع أن أكون امرأة عادية... تأبى عليَّ نفسي إلا الاختلاف... لا أستطيع أن أكون مجرد امرأة تنظف البيت وتطهو لطعام وتنجب الأطفال وتربيهم... أنا لا أقلل من قيمة ذلك، فتلك رسالة عظيمة لي كأم، ولكن نفسي تطلب مني المزيد لتشعر بالرضى، هي تأبى عليَّ إلا التميز والعلو... والمشاركة في صناعة مستقبل هذه الأمة... لا أستطيع أن اقف متفرجة على الأحداث التي تجري أمامي، بل أصبو دائماً إلى أن أكون فاعلة فيها أساهم في صياغتها وتشكيلها... ورسم الأمل في العيون والبسمة على الشفاه...
أحب الأرض التي على ثراها أبصرت نور الحياة ومشيت أولى خطواتي... أحبها كما أنت... فحبي لك لا يفترق عن حبي لهذه الأرض، التي أجدها تسكنني أكثر مما أسكنها... على الرغم من أنني لم أجد فيها إلا الصعوبات والتحديات والأبواب الموصدة والألم... إلا أنني أحبها، وتبقى الأعز على قلبي... ولهذا أيضاً أجدني أحبك...
ما يربطني بك ليس فقط علاقة زواج شرعية تربط بين رجل وامرأة... بل أكثر من ذلك بكثير، يربطني بك الصداقة، والتفاهم، والود، ووحدة المبادئ والتفكير... والتمرد على ما يُذِل الإنسان ويهين كرامته... ويربطني بك الاجتماع على طاعة الله والعمل لمرضاته والبعد عن معصيته... إذن فالروابط التي تجمع بيننا لا يمكن حصرها، ولهذا أتوقع منك أن تتفهم مشاعري وأحلامي التي تصل الثريا، وتعينني على الوصول لها، كما تفعل دائماً.
أنت تعلم تماماً أنني لا أغبط أحداً على طعام أو لباس أو مسكن... وإنما أغبطهم على علم اكتسبوه ونجاح وتميز حققوه... أحسدهم على حرية يتمتعون بها وكرامة وعز يصبغ حياتهم... لا أريد ماديات تافهة تجعلني رهناً للحاضر، كما لا أطلب جواهر وحلي وماديات تتملكني كما يتملك السيد إمائه... أريد أشياء كبيرة، وربما خطرة... من تلك التي يحتكرها الجنس الآخر لنفسه... ويستبعدون مشاركة الأنثى فيها... أريد مشاركتهم في استعادة المسلوب من الحقوق والحريات والأرض، وأريد أن أكون عوناً للسواعد القوية الطاهرة التي تقف تدافع عن الفجر الوليد يشق صدر الظلام ويعد بنور نقي حر... أريد الحرية لأرضي، والكرامة لشعبي، والتقدم والارتقاء لأمتي...

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

معايدة

نتيجة بحث الصور عن عيد


كيف لنا أن نحتفل بالعيد والأمة تثخنها الجراح، وتفتك بها الهزائم، وتميتها الآلام؟
لله درك يا قدس، يا غزة، يا فلسطين
يا سوريا يا عراق يا مصر يا يمن يا ليبيا
يرقص المارقون الماجنون على جراحنا وآلامنا
أعلم علم اليقين بأن الليل لا يدوم وإن طالت عتمته
فنحن بانتظار يا فجر لتبزغ علينا بنورك
وإشراق شمسك



الأحد، 11 سبتمبر 2016

كيف نتخلى عن أحلامنا

نتيجة بحث الصور عن ضياع الاحلام

كيف نتخلى عن أحلامنا؟
"في طفولتي كانت أحلامي كبيرة وبريئة... أحلام لا تساورها شكوك، أو تردد... أحلام سمتها الثقة المطلقة بأنها ستغدو في يوم ما واقعاً ملموساً أعيشه بكل دقائق تفاصيله... أبداً لم أنظر إلى الأشواك التي تفترش الطريق ولا الصخور التي تسد المنفذ الوحيد المفضي لتلك الأحلام... أبداً... بل كنت أمضي بخيالي إلى أبعد ما يكون... وماذا يكون أبعد من الفضاء... كنت أتصور نفسي أسير على القمر ببذلة فضائية منفوخة... لم أفكر بغير الشعور الجميل الذي يسيطر علي وأنا أرى عزيزتي الأرض زرقاء تتلألأ أمام ناظري تسبح في الفضاء... وأجري أبحاثي على تربة القمر وغلافه الجوي قبل أن أعود للمركبة التي تقلني مرة أخرى لكوكبي الحبيب... وأتخيل نفسي وأنا أقف على المنصة أمامي أناس كثر... ألقي المحاضرات وأتحدث فيما أعلمه من نظريات وآراء وعلوم وهم يصغون السمع لما أقول... لم يكن لدي أدني استعداد للاستماع لمن يسخر مني من زميلاتي ومعلماتي وأقاربي ويستهزئ... لم أكن أُلقي بالاً لابتسامتهم الماكرة الساخرة المشككة في أحلامي، واستفساراتهم حول حلمي التي يخفون ورائها تكذيباً واستهجاناً لما أؤمن به... لم تكن محاولاتهم بإقناعي "بعدم جدوى حلمي واستحالة تحقيقه" تجدي معي نفعاً... فذلك الحلم كان جزء مني، فهل تستطيع اقتطاع جزء منك؟؟".
اسمها مثل أحلامها "سراب" صديقتي... التي كانت هي الطبية في لعبنا، وكانت تردد بيننا دائماً: سأصبح طبيبة ماهرة... سيأتي الناس من كل الدنيا للعلاج عندي... سأهب كل وقتي لإسكات آلام الموجوعين، وتطبيب أوجاعهم وأمراضهم المستعصية... لم يكن في حسابها عقبات ولا في قاموسها معيقات... وفعلاً تفوقت في الثانوية العامة، وبدأت مسيرة طبيبة الطفولة والأحلام وعلاج الأمراض المستعصية... إلى أن كانت الصدمة الكبرى لي عندما عرفت أن أحلامها غدت سراباً بعد أن غادرت الأحلام والدراسة واختارت أن تمضي حياتها إلى جانب شخص ثري امتلك قلبها وتهاجر معه بعد الزواج إلى بلاد العسل...
كثيرون أمثالي وأمثال سراب... يحلمون في طفولتهم بل ويبتعدون أكثر من ذلك في أحلامهم... فتراهم يركبون الخيل بمهارة، ويغوصون في أعماق البحار ويستخرجون كنوزه ويستطلعون أسراره، ويتسلقون قمم الجبال كما يسافرون في الفضاء ويعبرون الزمن ويقاتلون الوحوش الضارية ويحلمون بأن يصبحوا أطباء مهرة وحقوقيون مدافعون عن المظلومين وقضاة عادلون، وأبطال خارقون، ومهندسون ماهرون، ومديرون مبدعون، ووزراء، ورؤساء دول، ورواد فضاء، وآباء وأمهات مميزون...
وترانا في صغرنا نلعب مع إخواننا وأصحابنا ذات اللعبة، وكم نتفنن في الأداء!، ونعيش دقائق الأحداث التفاصيل، فيبدو الواحد منا متقناً للدور مؤمناً بما يتخيل... ما يميز أحلامنا ويميزنا في تلك الأوقات، أننا نصدقها، بل نؤمن بها، وأبداً لا يوجد لدينا أي استعداد لأن نصدق أنها محض أحلام طفولية...
ولكن... ما إن نكبر في الحجم والقدرات والخبرات تأخذ أحلامنا بالتضاؤل والتلاشي شيئاً فشيئاً حتى تختفي من خيالنا وأولويات حياتنا لتغدو سراباً جميلاً لذيذ الذكرى لا أثر له على أرض الواقع... نتندر في الحديث عنه عندما تسرد حكاية نجاح شخص عرفناه في إحدى محطات حياتنا استطاع الوصول لأحلامه وتحقيق طموحاته... وترانا نتذرع بالحجج والأعذار التي حالت دون وصولنا لأحلامنا مثله، وأفقدتنا الأمل والتفاؤل في تحقيقها... ولكن: ما الذي يحدث معنا حتى نتخلى عن أحلامنا؟ لماذا نتنازل عن ما كنا نراه في أيامنا الماضية شيئاً أكيداً نحن ماضون لتحقيقه؟.
ما يحدث حقيقةً أنه؛ عند وصولنا لمساحة تحقق لنا بعض الاستقرار المادي والمعنوي والاجتماعي وبعض الأمن الذي يرافقهما... ترانا نلتصق بها ونخلد للراحة والسكينة في تلك المساحة... فيصبح من الصعب علينا أن نتخلى عن الراحة والأمان الذي حصلنا عليه، لهذا نتخلى أيضاً عن أحلامنا التي كانت تراودنا بأن نصبح متفوقين ومتقدمين وقادة... وهذا يبرر لنا، لماذا يتوقف الكثيرون عند أول محطة نجاح يصلون إليها في حياتهم ولا يتابعون النجاحات والإبداعات على الرغم من العقلية الفذة والقدرات العظيمة التي يمتلكونها... فهم يخافون على أنفسهم ونجاحاتهم من المجازفات التي قد يتعرضون لها إن هم استمروا في المضي قدماً إلى الأمام، فتحدثهم أنفسهم أنهم ربما يخسرون ما حققوه في أحد المحطات القادمة... فتراهم يتجمدون في مكانهم ليحفظوا لأنفسهم مكاناً بين الناجحين.
إن رضيت لنفسك الخلود إلى السكينة والراحة، ولم تتابع ما بدأت من نجاح، فاعلم أنك قد وصلت إلى مرحلة بدء الفقدان... فقدان ما حققت من نجاح... فالشعلة إن لم تمدها بوقود يحافظ عليها مشتعلة... فستنطفئ بعد مضي بعض الوقت عليها، عندما ينفذ الوقود من حولها... فنجاحاتنا بحاجة لأن نمدها بالوقود حتى نحتفظ بها... ووقودها هو الإبداع والطاقة التي لا بد وأن نستمر في بذلها في سبيل الحفاظ على نجاحنا الذي حققناه.
صحيح أن التغيير والتجديد والمجازفات تشعرنا بالخوف، ولكن أليس الخوف لبعض الوقت أفضل من الاختباء في الظل لفترات طويلة من الحياة؟ فإذا كنت تريد أن تتميز أو تقود أو أن يُحفظ ذكرك... فلا تقف مكانك مهما بلغت من العلى... فالعلى بحاجة لأن تستمر في المثابرة وبذل المزيد من الجهد حتى تحتفظ به...

فما كان من جهدك أنت لا ترضى بما وصلت له، بل تابع ما دمت حياً... وما كان من الله، فارض بما قسم لك... تكن أسعد الناس، وتترك خلفك بصمة يذكرك الناس بها بعد أن تمر من هذه الدنيا... إلا أننا يجب أن لا ننسى أيضاً أن القدر ينحاز للمثابرين الجادين... فيعطيهم ما يريدون... لهذا لا يجب أن نتعلل بالأقدار لأننا تخلينا عن أحلامنا...

إعياء الكتابة

نتيجة بحث الصور عن ‪hope‬‏

"إعياء الكتابة"

يصيبني في بعض الأوقات نوع من الإعياء أو لنقل هو نوع من الإحساس بالفراغ العميق، فراغ لا أدري كنهه، أهو فراغ روحي، أم نفسي أم عقلي أم عاطفي... لا أستطيع الجزم... تجدني أفتح حاسوبي العزيز خلال تلك الأوقات، وأفتح برنامج الكلمات، أعدل نوع الخط وحجمه، وأثبت المؤشر في طرف السطر.... ثم أبدأ باستجماع أفكاري للكتابة في موضوع ما... قبل أن أمضي لا بد لي أن أطلعكم على أحد أسراري الكتابية، فمن إحدى عاداتي التي ربما أعتبرها إيجابية،  أنني أضع لنفسي بنكاً من العناوين التي تأتيني في لحظات الإلهام، عناوين للمقالات، وعناوين للقصص، وحتى عناوين للكتب التي سأكتبها لاحقاً... ولكن ما يحدث أحياناً أنني عندما أبدأ بالكتابة، أجد الكلمات قد رحلت عن خاطري وغدا مكمن الإبداع في داخلي كإقليم السافانا في موسم الجفاف وانعدام المطر، جافاً متيبساً ترحل عنه كل مظاهر الحياة... أحاول استدعائها وابتكار الأفكار فتتمنع عليَّ وترفض الانصياع لأوامري... أشعر حينها بالنضوب... يحاصرني القلق، ويصيبني خوف خانق... تحاصرني الأسئلة السوداوية... أتكون هذه نهاية الكاتبة داخلي؟ أتكون قد جفت منابع الأفكار لدي  بعد أن نضب الإبداع داخلي؟ أيكون صخب الكلمات قد غادرني إلى غير رجعة وحل محله صمت مميت؟ ثم ما يلبث النبع أن يفيض وأعود لسابق عهدي، برفقة كلماتي وحاسوبي...وتراني في كل مرة أتعرض لنفس الإعياء تعود إليَّ الأسئلة ذاتها والمخاوف ذاتها...
على الرغم من أنني اكتشفت مارد الكتابة الذي كان يختبئ داخل قمقمه في نفسي في وقت متأخر من حياتي... بعد أن بلغت التاسعة والثلاثين... أما قبل ذلك، فقد كانت جميع محاولاتي الكتابية السابقة مجرد خواطر مبعثرة أُسرِّ بها لأوراقي بعد أن تضيق الدنيا في ناظري... وبشكل تلقائي أجدني أغلق الباب على نفسي وأطلق العنان لعيني لتبكي كما تشاء ولقلمي ليفرغ حبره على أوراقي مستخرجاً ما تضج به نفسي من أفكار وأحزان لا تكاد تفارقني... وعندما أراجع بعض أوراقي التي كتبتها في مراحل عمري المبكرة والتي لا زلت أحتفظ ببعضها رغم استحالة لونها إلى الأصفر الباهت، أجد كلماتها تبحث دائماً عن شيء واحد... هو العثور على الذات... فقد كانت تزخر تلك الاوراق بالأسئلة الحيرى... والأفكار التائهة التي تبحث عن جزيرة آمنة لتحط رحالها عليها...
ربما شعوري الدائم بالوحشة حتى في أكثر الأماكن اكتظاظاً بالناس وأكثرها صخباً هو السبب وراء بحثي الدائب عن شيء موجود داخلي، وجوده يحيرني أحياناً، ويحدث في داخلي ثورة أحياناً أخرى،  ولكنني أشعر به سيبعث الطمأنينة في نفسي عند خروجه للعلن... لم أكن أعلم عن نبع الكلمات التي أمتلكها داخل نفسي شيئاً... ولم أكن أعلم السبب الذي يجعلني دئماً أشعر بعدم الرضا... لم يكن الحصول على المال أو الشهادات العلمية، ولم يكن الارتباط والزواج، ولم يكن إنجاب الأطفال. لأنني حصلت على كل ذلك، ولا زال ذات الشيء يحزنني ويقض مضجعي ويتخمني بالكآبة...
كنت أبكي كثيراً، ولا أعرف لماذا... لنفس الشعور بالحيرة والضياع... وما كان يزيد من قلقي ومخاوفي دائماً هو شعوري بأننا كائنات لها بداية (وأنا بدايتي مضت في سبيلها)... ونهاية ربما تكون قد اقتربت... فأرتبك حينذاك وأشعر بغربتي أكثر... أخاف أن تأتي النهاية قبل أن أدرك تماماً كيف أصل إلى ما أريد وكيف أشيد بكتاباتي قصراً أو معبداً يستظل تحت قبابه الباحثون عن الحقيقة والتغيير نحو الأفضل...
تملكتني الحيرة سنوات طويلة، إلى أن اهتديت إلى نبع الكلمات الموجود داخلي، فأحسست بظمأ السنين الماضية يعب من ماءها عبَّاً وكأنه يريد إدراك نفسه بالارتواء قبل فوات الأوان...
فانطلقت في سبيلي وأنا أتذكر قول جلال الدين لرومي "الليل ينجب النهار، نستطيع بدء الحياة من جديد، في أي وقت ومن أي مكان"... وكان البدء... لا يهم متى... المهم أنني بدأت...


أمل


نتيجة بحث الصور عن ‪hope‬‏
أمل

الأمل... ما أجمله، وما أطيب طعمه... يحلو لي دائماً الحديث عنه والتجوال في حدائقه الغناء، يعطينا الوعود بغد أفضل من اليوم... وحال أحسن مما نحن فيه... 

السبت، 10 سبتمبر 2016

هل بقي لنا أمل؟



هل بقي لنا أمل؟
كانت تفترش الأرض فوق الركام الذي كان في زمن مضى منزلها، جالسة إلى جانب خيمتها المصنوعة من الشادر الكاكي، شاردة الذهن تتأمل أشلاء ما تبقى من حياتها السابقة وحياة الحي الذي كان في أيام ماضية يعج بالحياة والأمل، تحمل دفتر مذكراتها تكتب فيها سطوراً تحكي القصة نفسها التي تتكرر في كل مرة... في كل حرب على ذات البقعة التي أعياها الحصار، تستحضر في ذهنها وقع سقوط القذائف والانفجارات وأزيز الرصاص وصراخ الأطفال والنساء والقصص المرعبة التي تروي حكايات الجرحى وحكايات الناس الذين قضوا تحت قصف الصواريخ والمباني المنهارة، وأجواء الرعب الأخرى التي عاشتها هي وكل من يسكن البقعة الأكثر اكتظاظاً في العالم...  
كيف لها أن تنسى جدها الذي مزق جسده الصاروخ الذي مزق بيتهم، وأقعد والدها على كرسي متحرك، وأفقد والدتها إحدى ذراعيها وإحدى عينيها، وترك في نفسها هي جرحاً غائراً يصعب الشفاء منه مهما مضى عليه من الزمن؟ كيف لها أن تنسى خطيبها الذي انقطعت أخباره منذ الحرب الأولى على قطاع غزة فلا تدري إن كان لا يزال حياً يرزق أم أن صاروخاً فتك به كما الكثيرين ودفن تحت ركام المنازل؟ في كثير من الأحيان تتمنى لو أنك تسمع خبراً واضحاً وصحيحاً يطمئنك عن من تحب... حتى وإن كان خبر وفاته... لا يهم، ولكن على أقل تقدير تطمئن على أنه مرتاح إلى جوار ربه... أما أن تبقى معلقاً هكذا... تضرب أخماساً في أسداس... تحسبه مرة حياً وأخرى يشارك الأموات في عالمهم؛ فهذا ما لا تطيقه النفس.
كيف لها أن تدون ذكرياتها التي تفيض ألماً وحزناً وأشلاءً وضجراً من الحصار وجميع ملحقاته من بطالة ونقص في جميع المواد الأساسية وانعدام مقومات الحياة، من دون أن تتذكر حكايات جدها عن الحياة السعيدة التي كان يحياها في عسقلان قبل هجرته لقطاع غزة في الـــ 48؟ كيف لها أن تكتب تلك الذكريات دون أن تقارن حياتها السابقة بحياتها الحالية المحطمة بعد أن انهارت الجدران التي كانت تسجل خلفها رواية حياتها التي تضاعف بؤسها أضعافاً مضاعفة؟ تحاول أن تكتب... تكتب بموضوعية... ولكن هل يستطيع الأسير أن يكتب عن الحرية بموضوعية من دون أن يكتب عن بؤسه، ويُعَرِجَ على الزنزانة التي تحتجز جسده وتحيل أيام وسنوات عمره ركاماً؟ هل يستطيع المريض أن يكتب عن الصحة، من دون أن يُحَمِّل كلماته آلام جسده وأوجاع روحه؟ تحاول كما الجميع حولها أن تعيد بناء حياتها من جديد... وتحاول أيضاً أن تعيد ترميم داخلها المتصدع... تخونها العبرات... وتنساب الدموع على وجنتيها اللتين لوحتهما الشمس وصبغتهما بلونها لطول جلوسها تحت أشعتها الحارقة في أيام الصيف الطويلة... ولا تدري، أهي تبكي نفسها؟ أم عائلتها؟ أم تبكي البيت؟ أم تبكي البؤس والشقاء الذي يعيش فيه الجميع هنا في قطاع غزة؟؟ أم تبكي المستقبل المظلم الذي لا ترى فيه أي كوة تتسلل خيوط الفجر من خلالها مهما كانت بعيدة؟ أم تبكي ذلك كلة؟ هي لا تعرف الجواب تحديداً...     
ليس الماضي فقط ما يحزنها وتكتب عنه... بل يحزنها الحاضر... الحاضر الذي ربما لا تكاد ترى فيه بارقة أمل بحياة كريمة تحياها كجميع البشر على هذه البسيطة... فالكهرباء على سبيل المثال لا الحصر: رفاهية لم تعد تحلم بها... وإعادة إعمار البيوت التي تهدمت والغاز والمياه النظيفة... الخ، لا مجال للحديث فيها في قطاع غزة... ناهيك عن الخوف الدائم الذي يسيطر عليها كما الآخرين من أن تفقد المزيد... في لمح البصر... فكيف سيكون هناك أمل في مستقبل أفضل إن كانت لا تعرف ما يحمله لها اليوم الذي تعيش فيه؟ هل ستعود الحرب مرة أخرى في ظل نار لا تتوقف عن الاشتعال وعدو غاصب متغطرس لا يتوقف عن غطرسته واستعراض عضلاته، والاستقواء على شعب محاصر، مستضعف، ممنوع من الحياة؟
وتزيح أفكارها وآلامها جانباً وتعود لدفترها تدون فيه: رغم كل ما خسرت وخسرنا جميعاً إلا أن رغبتي التي لا تلين بحياة حرة كريمة، أحياها كما ينبغي لإنسان حر أبي... تدفعني للاستمرار... لإكمال الدرب وعدم التراجع أو الخضوع لليأس... فلا سبيل لحياة الكرامة والحرية التي أحلم بها ويحلم بها جميع من هم أمثالي إلا البندقية والمقاومة... صواريخ العزة يحملها المقاومون على أكتفهم هي الشيء الحقيقي الذي يحمل بارقة الأمل لنا جميعاً، أمام عدو ظالم لا يفهم إلا منطق القوة... ولا يعتبرنا من البشر الذين يستحقون الحياة... بل يرانا صنفاً أدنى منه من البشر...
فلا نامت أعين الجبناء...     

هاوية تدوين وكتابة

أعتقد أن حروفي وكلماتي هذه التي تشكل ما أدون ربما لا تهمكم، وربما ستلقي بظلال من الحيرة على نفوسكم، إذا كنتم ترغبون بقراءتها فلا مانع لدي، وإذا أدرتم وجوهكم عنها وحولتم مؤشر الماوس إلى الخلف فهذا شأنكم... ولكن اعلموا أنكم ستخسرون قراءة في نفس امرأة حيرى طرحت على نفسها بعض الأسئلة ... ولكنها تعيد توجيهها الآن لكم بعد أن أعياها البحث عن إجابة...

قبل أن أبدأ، أحب أن ألفت انتباهكم إلى أنني هاوية في عالم الكلمة، فأنا لست محترفة لأنني لست صحفية مثلاً ولست مختصة أو خبيرة في اللغة العربية وقواعدها وأصول الكتابة فيها، رغم أنني أعتدت- خاصة في الفترة الأخيرة- بأن أصنف نفسي ككاتبة... وقد أعطيت لنفسي هذا الحق بعد أن أصبح لدي حتى الآن خمسة من الكتب التي طُبعِت ونُشِرت في دور نشر معترف بها وأخذت أرقاماً من المكتبات الوطنية في بلدان النشر وأصبحت واقعاً ورقياً يُباع ويُشترى... وعدداً كبيراً من المقالات والتدوينات التي تحمل في ثناياها عبق روحي وأفكاري.

نتيجة بحث الصور عن تدوين

ضيق وأمل


عندما تضيق الدنيا في وجهي
وتصبح كأنها ثقب إبرة
ألجأ إلى ربي
أدعوه
أسجد بين يديه... أبكي
فما تلبث شحنة كبيرة من الأمل والهمة أن تندفع في ذاتي 
تمدني بالطاقة اللازمة لإكمال المسير

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

فلسطينية تروي حكاية الحب والوطن


نتيجة بحث الصور عن فلسطينية تروي حكاية الحب والوطن

فلسطينية تروي حكاية الحب والوطن
أكتب سطوري هذه لنفسي وعن نفسي، عن المرأة الفلسطينية في داخلي التي تحكي عشقها للدين والوطن... فأنا امرأة فلسطينية الأصل والمولد، من القدس... بل من يافا والنقب... أقصد من نابلس والخليل...أو من رفح وبيت لحم... وربما من قلقيلية وطولكرم... ومن خان يونس وطبريا ودير ياسين... في تراب فلسطين نبتُّ، ومن مائها ارتويت، ومع حليبها رضعت العزة والكرامة... حتى تغلغلتا في كل خلية من خلايا جسدي... لتصبحا جزءاً من تركيبي البيولوجي، فهل يا تُرى تستطيع أن تحذف جزءاً من تركيب خلايا جسمك، فتفصلها عنك وتستبدلها بتركيب آخر؟؟؟
أنا امرأة ترفض أن لا تكون في لب الأحداث، وجزءً من الأحداث، بل أريد دائماً أن أكون صانعة الأحداث... لا لشيء إلا لأنني امرأة مسلمة عربية فلسطينية... فجذوري التي تمتد في أعماق التاريخ المشرِّف، حتى تصل إلى سمية وخولة وأسماء وأم حرام وبقية النساء المسلمات المجاهدات بكل ما أوتين، تأبى عليِّ أن أخرج من صفِّهن فأكون أقل منهن...
أنا مربية المجاهدين، وأم الشهداء، وزوجة الأسير، وصاحبة البيت المهدوم لا لشيء إلا لأن ابني دافع عن حقه في أرضه وبذل دمه وروحه ليدافع عن المسجد الأقصى... لم يكن ابني يمتلك سلاحاً، فأخذ سكين مطبخ... شحذها وصنع منها سلاحاً يقض مضاجع بني صهيون... ويشعل شرارة انتفاضة تحرقهم بإذن الله... كنت أشعر بشيء ما يدور في خلده حاول كثيراً إخفائه عني، ولكن بريق عينيه كشف لي سره... لم أنبس ببنت شفه، بل حافظت على سره، وادعيت بأنني لم أفهم... ولكن قبل أن يمضي... ضممته إلى صدري استودعته الله الذي لا تغيب ودائعه... ودعوت الله له بالسداد والتوفيق... لم أسمح للدموع التي فاضت في نفسي حتى كادت تحرقها، بأن تنساب على وجنتي اللتين حفر فيهما الزمان المر خطوطه القاسية، في محاولاته المستمرة لكسر ظهري أو على أقل تقدير احناءه إلى الأمام... حتى لا أغرس بذور التردد في نفسه... شيعته حتى باب البيت قائلة له: رجل ما شاء الله... امضِ على بركة الله...
انطلقت بعد مضيه أُرتب البيت وأنظف باحته انتظاراً لعودته... ليس هذا فقط بل حضِّرت باقة من الورد الجوري الذي يحبه مهند لأضعها على صدره عندما  أستقبله شهيداً، وأزفه إلى عروسه في جنات الخلد... فأنا قد ورَّثته حب الدين والوطن مع جيناته التي شكَّلته وتحكمت في جميع صفاته... كل ذلك ولساني لا يفتأ يدعو الله له ولجميع المجاهدين في هذا العالم الظالم... وقلبي يتفطر حباً له... وخوفاً عليه...
لا تعتقدوا أنني أماً قاسية ترسل ابنها للموت دون أن تكترث... لا أبداً... فأنا أم حنون، لدي عواطف رقيقة جياشة أحب أبنائي جداً... ولكنني أحب لهم أن يعيشوا أحراراً بعزة وكرامة...
تابعتُ القنوات الفضائية بدقة وحرص شديد، لأشاهد مهند كيف غدا رجلاً يزلزل كيان الأعداء بأفعاله... ولم يخب ظنِّي فيه... شاهدته، وشاهد العالم أجمع بطولته وشجاعته وجرأته...

فهذا العربي الفلسطيني المسلم البطل ربته امرأة... امرأة فلسطينية حرَّة... ألم أقل قبل قليل بأن الفلسطينية لا تستطيع أن تكون متفرجة على ما يجري بل هي دائماً تكون صانعة للأحداث... فحب فلسطين يبقى المولد داخل نساء ورجال فلسطين يمدهم بالطاقة للاستمرار والتقدم حتى تحرير كامل تراب فلسطين...

نتيجة بحث الصور عن فلسطينية تروي حكاية الزيتون

ضجيجٌ داخليٌّ أو "ثورة الكلمات"

نتيجة بحث الصور عن ‪;jhfm ,auv‬‏

ضجيجٌ داخليٌّ أو "ثورة الكلمات"

كتبت حروفها وكلماتي دائماً لنفسها... قبل أن تكتبها لأحد يقرأها... كانت ترى الكتابة جزء منها، يصعب اقتطاعه... فكتابتها هذه هي السمة الظاهرة والضرورية للمرض الذي حل بها... مرض صَعُب الشفاء... مرض يجعل الفرد يكتب الكلمات الثائرة... فتخرج كلماته صارخة متمردة، تطلق صرخاتها في الأفق، دون أن يعبأ صاحبها بمن يسمعها أو يدري تفاصيلها، يطلقها مدوية رافضة للذل... رافضة للخنوع... تعبر عن نفس ربما تكون حائرة، بل طموحة تحلم بغد أفضل... كانت الكتابة حاجة أساسية لديها فلم تستطيع العيش من دونها، هي كالهواء والماء والغذاء، وطالما سألت نفسها: كيف يستطيع العيش من لا يُسِرُّ مشاعره وفكره وكل ما يؤرقه للورق؟
هذه بعض تفاصيل الحكاية التي سأرويها لكم... وقبل أن أبدأ، كان يا ما كان حيث يتكرر الزمان والمكان...
عندما بدأت تنضج، أرَّقها أنها تعيش حياة خاوية... يملأُها الفراغ والحيرة، في البداية لم تكن تعلم ماذا تريد بالضبط، فقط تشعر بأنها مختلفة عن باقي من يحيطون بها، لا تتوافق معهم في الكثير من الأفكار والاعتقادات التي يطرحونها وخاصة تلك التي تعتبرها استسلامية، كتلك التي كانوا يطلبون منها أن تتبناها لنفسها، فترضى بمقتضاها بالأمر الواقع وتصبح كأية فتاة أخرى عادية، ألستِ كباقي البنات؟ لماذا تقضين جل وقتك بين الكتب؟ لماذا لا تجاملين الناس وتخرجين إلى المناسبات الاجتماعية فتشاركيهم فرحتهم؟ لماذا لا تصبغين وجهك وشعرك وتتطيبين وتتجملين عند خروجك مثل باقي الفتيات في مثل عمرك؟ ما تعلمه فقط أن هناك طاقة ضخمة تحتجزها داخلها، تكبتها، تضغطها... تجعلها تتمرد وتثور وترفض كل ما اختاره الناس لأنفسهم بغض النظر عن أهميته ومدى صحة اختياره ومدى تأثيره على مستقبلهم، فهم قد حددوا اختيارهم فقط لمجرد أنه مألوف لديهم... ولأن الآخرين يفعلونه ويرونه مناسباً... فقط هو مجرد تقليد للآخرين يقوم به الواحدة منهم، ويلغي نفسه وتفكيره في سبيله.  
لم تبق في محطة الشعور بالخواء والحيرة... فمع مضي الوقت بدأت تحلم بنفسها مهندسة، ترسم التصاميم الهندسية الخلابة على الورق، تصاميم تأتي من عالم الخيال، تجعل الإنسان يغيب عن البعد المكاني الحقيقي إلى بعدٍ آخر وكأنه في عالم آخر... اجتازت الثانوية العامة بتفوق... وهنا بدأت الكوارث تنزل بها... رفض والدها خروجها للجامعة، فالبنات عنده للمطبخ وليس للعلم، وقام بتزويجها من ابن عمتها... دون أن يشاورها في الأمر، ولم يعطها فرصة الرفض أو حتى القبول... وبعد شهر أصبحت امرأة في بيت زوجها... اصطحبت أوراقها وكتاباتها معها كما اصطحبت آمالها وآلامها... أشفقت على زوجها وعلى نفسها أيضاً، فهي لا تريد الزواج، تريد أن تكون نفسها وحلمها الذي تحبه... مهندسة مميزة، رغم أن زوجها وكل المجتمع من ورائه يريدونها زوجة وأماً وكنة ناجحة ومميزة.
زوجها إنسان بسيط طيب كريم النفس، وأحلامه أيضاً بسيطة مثله فهي لا تتعدى بيت وسيارة وزوجة جميلة تتمايل إلى جانبه بكامل زينتها... أحبت زوجها وبيتها بكامل قوتها، وعاملته كما لو أنه أحد أبنائها الذين تقوم بتربيتهم وبناء المبادئ داخلهم، واستمرت في أحلامها وطموحاتها... تخرجت من الجامعة بتفوق، واتجهت لإثبات الذات في سوق العمل... واستمرت تكتب، وتسِّر مشاعرها وأفكارها للورق، ولكن بفارق كبير عما كانت عليه سابقاً... لم تكن تكتب ليقرأ أحد كلماتها... ولكن الآن أصبحت الكلمات تمر على شريكها في الحياة وفي النجاح قبل أن تخرج للعلن... عمت كتاباتها حتى أصبح يُشار إليها بالبنان... 

تحولت آلامها القديمة إلى تحديات دفعتها لتتقدم وتتفوق وتتحدى الصعاب، وصبغت الآمال أيامها بصبغة جميلة رائعة جذبتها لتقديم المزيد من العطاء، وبذل المزيد من الجهد لتصبح الأحلام واقعاً تعيشه ومثالاً حياً لصناعة النجاح.

امرأة فريدة من نوعها... ورجل عظيم

امرأة فريدة من نوعها... ورجل عظيم
 في طفولتي كنت أكره كوني أنثى، ليس اعتراضاً على خلق الله ولكن لأني أرى تفضيل الذكور على الإناث والذي يكاد يكون في كل شيء، ليس من والداي، وإنما من المجتمع كافة.. ومن توفيق الله أنه جعلني لأب كريم النفس يؤمن بطموح الإنسان، فكان يدفعني للأمام ويشجعني قائلاً: "كوني شاطرة وأنا وراكِ"، ولأن أحلامي كبيرة تصل إلى عنان السماء حلمت كثيراً بان أصبح رائدة فضاء، وكم سمعت عبارات الاستهزاء والسخرية من زميلاتي ومن حولي في المجتمع، إلا أن ذلك لم يثنيني عن آمالي وطموحاتي. وكبرت.. وكبرت العقبات في طريقي ولكن؛ لم أكن أنا من تستسلم للمصاعب... كانوا دائماً يقولون لي: لماذا تتعبين نفسك، فأينما وصلت فمصيرك المطبخ!! ولهذا كنت وقتها أمقت الزواج لأنه جعلوني أفهم أنه أحد أسباب القضاء على الأحلام والطموحات، ولنفس السبب أيضاً كنت أمقت الطبخ وأرفض أن أتعلمه... فهما يتعارضان مع الطريق الذي خططه لنفسي... فأنا أريد أن أكون في القمة وليس في أسفل الوادي.. أنهيت الثانوية العامة بمعدل ممتاز... وأنهيت البكالوريوس بتقدير جيد جداً وانطلقت لعمل تخصص لأحصل على الدبلوم العالي ولا زالت فكرة الزواج مرفوضة تماماً لدي.. فأحلامي كبيرة يصعب حصرها في عش الزوجية الضيق... ولكن يشاء الله أن أرتبط بذلك الطبيب الإنسان الذي غير من مفاهيمي وقلب موازيني رأساً على عقب... ويُقَدِر المولى أن يكون زوجي ممن يؤمنون بالعلم طريقاً ويؤمنون بأن المسلم (رجلاً كان أو امرأة) مكلف من الله بحمل وتأدية رسالة عظيمة... فيحثني ويشجعني لأكمل طريق العلم والتميز... فأحصل على درجة الماجستير وأستمر في طلب العلم والقراءة والتعلم... فأعمل في جامعتين رغم ظروف انتفاضة الأقصى وإغلاق الطرق والحصار... فأثبت ذاتي علمياً وعملياً.. ليس من أجلي أنا بل لله ولرقي المجتمع. وترانا دائماً نذكر بعضنا بهذه الحقيقة التي تشحننا معنوياً وتجعل جميع الصعاب صغائر في نواظرنا.. فمن يعمل لله "لا تهينه شدة".

وأحببت كوني أنثى بعد هذه المحطات الكثيرة التي مررت بها، فقد أصبحت أماً أربي جيلاً أدعو الله أن يكون من الصالحين، فضلاً عن كوني زوجة تعمر بيتاً مسلماً بإذن الله.. ألم أقل لكم قبل قليل إنه قد غير مفاهيمي وقلب موازيني.. بل وأصبحت أحب الطبخ والمطبخ وأفخر بذلك إلى جانب تقدمي العلمي والعملي وتميزي بالكثير من الأشياء..
يقولون دائماً "وراء كل رجل عظيم امرأة".. وأنا أقول "إن وراء كل امرأة عظيمة رجل".. فالزوج العظيم الداعم ورائي هو الذي كان السبب في حصولي على درجة الدكتوراه.. كما أنه هو السبب في انطلاقي في تأليف الكتب وكتابة المقالات التي تحمل أفكاري ومبادئي التي بدأت تنتشر وأدعو ان تدخل كل بيت مسلم فينتفعوا بها.. فالرجل العظيم يأبى أن يتقدم هو ويترك شريكة حياته خلفه تتوارى في الظل.. بل يصطحبها إلى جانبه ويصعد معها سلم النجاح ويرتقي معها إلى القمة... فالمجتمع المسلم والحضارة الإسلامية التي نحن بحاجة لأن نبعث الحياة فيها من جديد بحاجة لرجال ونساء، ليسوا عاديين، وإنما فريدين من نوعهم، ليعيدوا بناء الدمار الذي أحدثته المفاهيم الخاطئة التي تمكنت من النفوس لفترات طويلة من الزمن.

وأذكركم قبل أن اغادركم.. أصعب بناء هو بناء الإنسان.. وأقوى الأسس هي تلك المبادئ والقيم التي تُغرس في النفوس.. فمن يؤسس ويبني بحق لا يقلق على ما بناه.. فالله هو خير حافظ..
قدم أنت ما بوسعك ولا تقل لن يجدي وليس ذا أهمية.. افعل أنت ما عليك واترك الباقي للخالق.
نتيجة بحث الصور عن ظل امرأة مسلمة