الجمعة، 29 مارس 2019

شذرات مشاعر

شذرات مشاعر

غربة


إذا انكسرت بعض الأشياء في داخلنا يصعب أن تعود، يستحيل أن تلتئم وتعود لصورتها الأولى، وتستعيد تماسكها ورونقها.. المشاعر داخل نفوسنا، العواطف داخل القلوب، أفكار جميلة حملناها عن أحدهم زيَّنته في عيوننا.. إن انكسرت وتناثرت أشلاؤها لا ولن تعود لسابق عهدها.
أتعلمين يا من كنت يوماً صديقتي؟ أدرك أنكِ لا تعلمين حجم الصَّدع الذي خلفته في نفسي، بعد أن هاجمتني بكلماتك القاسية على شيء لم يكن يستحق ثورتك تلك، وكِلْتِ لي التهم العارية من الصحة. لقد فاجأتني حينها وسحقت قلبي، حين لم تأبهي بمشاعري، وأنت تعلمين كم كنت حساسة مرهفة المشاعر. كنت أحسبك صديقتي المقربة.. ولكنك نفيت هذه الفكرة بإصرار، ودست عليها عند أول اختبار، وبعتني دون أن تبالي أمام أول مفترق.
أنا لا ألومك، فكثيرون أمثالك، عندما يعلو شأنهم، يعتقدون أنهم لم يعودوا بحاجة لرفقاء الدرب الصعب، الذين دعموهم حين كادوا ينزلقون، وساندوهم عندما هزتهم الأعاصير وكادت تحطمهم، ومدوا لهم أيديهم وتشبثوا بهم حين قاربوا على الغرق.. ربما تعتبرين الآن وبعد أن غدوت اسماً لامعاً يلتف حوله الناس ويتوددون إليه، أنك كبرت على البسطاء من أمثالي، ولا ضير إن تنكرت لهم، وقد يكون من الأفضل لك لو أنكرت معرفتك بهم أصلاً.
 لم أبكك، بل شطبتك من قائمتي، مسحتك منها دون أسف، لم تعودي تعني لي شيئاً. يكفيك من يلتفون حولك ويحرصون على التقرب منك.. أنا عن نفسي أقول: لست أحد هؤلاء، ولا أسعى وراء الشهرة والأضواء مثلهم، ولست مستعدة لأن أبيع مبادئي التي أؤمن بها بلقاء صحفي أو افتتاح معرض أو حتى الوقوف على منصة متحدثة باسم الوطن. فقد علمتني الأيام أن مبادئي وقيمي ليست قابلة للبيع، مهما علا الثمن المعروض. وعلمتني أيضاً أن للظهور والشهرة بسرعة ثمن باهظ، أنا لا أقوى عليه. فاذهبي في طريقك ببريق شهرتك، وسأذهب أنا في طريقي بقيمي ومبادئي، ولا أظن أننا سنلتقي يوماً.
أنا لا ألوم الظروف التي أزاحت النقاب عن وجهك، وكشفت عوارك، فلولاها لبقيت أغوص في سذاجتي معتقدة أنك صديقتي.. اعلمي أنني قد سامحتك، ولكنك أبداً لن تعودي صديقتي، فما انكسر لا يعود أبداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق