الخميس، 5 مارس 2015

لو ترسم بسمة

لو ترسم بسمة

ما أجمل أن تكون السبب في إدخال السعادة إلى قلب إنسان! وما أبسط ما تقدم وما أعظم قدره حين يكون ابتسامة تقابل فيها الآخرين... فالابتسامة تنير الوجه، وتغرس الفرح، وتزيل الحزن، فالابتسامة هي الخطوة الأولى في طريق الإيجابية. هيا بنا معاً لنأخذ مثالاً نطبقه على الواقع؛ عندما تتعرض لمشكلة ما وتجد أن الدنيا قد استحالت وقتها إلى ظلام دامس في عينيك، انطلق بعيداً عن مكان المشكلة إلى العمل أو الشارع أو إلى أحد الأصدقاء أو أي مكان حيث تقابل أشخاصاً آخرين، ابتسم بمليء شفتيك، من قلبك كلما قابلت شخصاً أو أعجبك منظراً... ولاحظ بعد مدة قصيرة كيف تغيرت نفسيتك، وكيف حلت المشاعر الإيجابية الجميلة محل المشاعر السلبية التي كانت تفيض بها نفسك.
ألم يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الابتسامة؟ ألم يتناول موضوعها في أحاديث نبوية شريفة لا زالت تجد صداها لدينا بعد مرور سنوات وعقود وقرون طويلة؟ ألم يقل: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة"؟ أليس هو القائل أيضاً عليه أفضل الصلاة والتسليم "أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق"؟ وأيضاً قال صلى الله عليه وسلم:" لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق"؟ ألم يسن الابتسامة بين أمته بأن كان يبتسم في وجوههم دوماً؟ فعن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال: "ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي".
فلماذا يا تُرى يحضنا رسولنا الكريم على الابتسام للآخرين ويمارس هو بنفسه الابتسام بوجه كل من يقابله؟ أليس لأهمية البسمة في إشاعة المحبة بين الناس وفي تحبيب القلوب لبعضها البعض، وتخليص الناس من الضغط النفسي والمشاعر السلبية؟ فعودوا أنفسكم على الابتسام في وجوه الآخرين... ولاحظوا سحر الابتسام الذي تمارسونه كيف يجذب قلوب الآخرين لكم، ويولد بينك وبينهم الألفة والمحبة...
تشيع بين الناس مقولة" ابتسم، تبتسم لك الدنيا"، فهل هذه المقولة صحيحة؟ وأنا (كخبيرة في لغة الجسد) أؤكد صحتها، فلا شيء يخلق انطباعاً جيداً لدى الآخرين مثل الابتسامة على الوجه، فالابتسامة الودودة الواثقة تعطي شعوراً بالراحة للشخص المبتسم والشخص الموجهة له الابتسامة، فهذه الابتسامة تتحدث للشخص الآخر بصوت أعلى وأوضح من أي كلمات فهي تشعره بالتقدير والاحترام والترحيب، وبالسرور للقائه أو قدومه.
وتذكر... إنك كلما استخدمت الابتسامة أكثر أصبحت مدماً عليها، فالعلماء يقولون إنها تستطيع أن تبدل موقف الشخص السلبي إلى النقيض، لأن الشخص عندما يبتسم يقوم الدماغ بإفراز مادة اسمها "إندروفين" ويبثها في الدم فتنتشر لتصل إلى جميع خلايا الجسم، وهي تشبه المواد المخدرة في تأثيرها على الجسم فتعطي شعوراً بالاسترخاء والسعادة، وتذكر أن الابتسامة سلوك معدي حيث تنتقل العدوى إلى الآخرين فيردون بابتسامة مماثلة بسبب مبدأ المثير والاستجابة.
إذن فللابتسامة سحر خاص في كسرها للحواجز والجمود بين الأشخاص، وإدخالها للمحبة والسرور على قلوبهم.
وهذه أبيات جميلة منتقاة من قصيدة ابتسم للشاعر إيليا أبو ماضي:
فلعل غيرك إن رآك مرنما**** طرح الكآبة جانبا وترنمـــــــــــــــــــــــــا
أتُراك تغنم بالتبرم درهما**** أم أنك تخسر بالبشاشة مغنما؟
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى**** متلاطم، ولذا نحب الأنجما!


د. زهرة وهيب خدرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق