الأربعاء، 11 مارس 2015

كنت أحبه... ولكن!!

كنت أحبه، ولكن...

خلال إحدى الدورات التدريبية التي كنت أدرب فيها، لفتت انتباهي أنها تحاصرني بعينيها الخضراوين الواسعتين طوال إحدى الفقرات التي كنت أتحدث فيها حول "قدرة الحب كمشاعر إنسانية على تغيير السلوك بل وصنع الأعاجيب"، وفي الاستراحة تقدمت ناحيتي وطلبت الحديث معي على انفراد، أجبتها لطلبها، بدأت حديثها وهي تحاول إخفاء دمعات انحدرت على وجنتيها غصباً عنها، وقالت: أريد قول شيء لك ولكني أتمنى عليك أن لا تحتقرينني... قلت لها: ليس من عادتي أن أحتقر أحداً يبيح لي بأحاسيسه، ويحدثني بما يؤلمه، بل أمد يد العون له إذا كان بحاجة للمساعدة... وهذا جزءٌ من مهمتي.
قالت: أنا تحطمت... أنا انتهيت! قلت: لماذا لا سمح الله، ما شاء الله عنك، أراك بخير الحمد لله. قالت: أحببت شاباً منذ أربع سنوات... توقفت عن الكلام تحاول ابتلاع غصة في قلبها، سألتها لأشجعها على إكمال حديثها: هل ارتبطت به؟ أجابت: لا، عدت فسألتها عن السبب، فأجابت: في كل مرة يختلق الأعذار لعدم تقدمه لخطبتي، سألتها: هل ما زلت على علاقة به؟ أجابت: لا... ولكنه يضغط عليَّ بأن أستمر معه. سألتها: هل كُشفت علاقتك به؟ أجابت: لا. فأنا لا أخرج معه ولا أقابله، كانت علاقتي به وجهاً لوجه في الجامعة فقط، وعندما تخرجت، أصبح التواصل بيننا يقتصر على الفيس بوك، والمكالمات الهاتفية.
سألتها: وماذا تراك فاعلة معه؟ قالت: أصبحت أكره سماع اسمه، أحاول أن أنساه، هو انتهى بالنسبة لي، وانتهى كل ما يربطني به، يبعث لي أحياناً برسائل قصيرة على الجوال يتهمني فيها بالقسوة والجنون، أحمد ربي أنه لا يمتلك وسائل مادية يستطيع من خلالها الضغط عليَّ بحيث يجعلني أرضخ لضغوطاته...
سألتها: هل كنت تشعرين بأنك على صواب في علاقتك معه؟ أجابتني بحدة: أبداً... كنت دائماً أشعر بأنني على خطأ، وأعقبت قائلة: كوني متأكدة أن من يشعر بأنه مخطئ يخفي ما يقوم به عن أعين الناس.
عدت أسألها: ما دمت قد أنهيت علاقتك به وحددت طريقك بوضوح، لماذا تقولين بأنك انتهيت وتحطمت؟ قالت: بدأت مشروع جديد لإكمال دراستي للحصول على الماجستير، ولكني واقعة تحت ضغط أهلي لاختيار زوج من أحد الذين يتقدمون لخطبتي، ولكني... (صمتت قليلاً وعادت للبكاء)... ولكني غير قادرة على ذلك الآن... فلا أدري بماذا أواجه أهلي... وكيف أتخلص من نظرتي السيئة لنفسي، وكيف لي أن أرتبط بزوج أعلم في نفسي علم اليقين أنني خنته قبل أن أراه؟
قلت لها: كفاك ابنتي جَلْداً لنفسك... أنت إنسانة طيبة وصادقة مع نفسك، لماذا لا تطوي الماضي بكل ما فيه، وتفتحي صفحة جديدة مشرقة، عنوانها مخافة الله وعمل ما يرضيه، والبعد عن كل ما يغضبه... احمدي الله أنك لم تتوغلي في الخطأ ولم تقعي في أوحال الشيطان، فأنت لازلت على البر، وأنا أراك قوية ولديك الكثير من الإرادة... غيري رقم جوالك، وأغلقي حسابك على الفيس بوك، وأكملي دراستك، وأثبتي نفسك فيها، ولا ضير أن تبحثي عن عمل يشغل وقتك ويستنفذ طاقتك، ولا ترفضي من يتقدم لخطبتك من الشباب الصالحين دون مبرر (غير الندم على تجربتك السابقة)، بل استخيري الله واستشيري من حولك، وفكري ملياً واختاري الأفضل؛ الذي تعتقدين فيه الخير والصلاح، بحيث يكون معيناً لك في دينك ودنياك...
صغيرتي؛ كوني على ثقة بأن من يستحق حبك فعلاً هو من يتعب نفسه للحصول عليك وعلى رضاك بشرع الله، لا بشرع الشيطان وأتباعه... ومن يحبك فعلاً لا يحاول إغوائك أو الاتصال بك بعيداً عن سمع وبصر أهلك... بل يأتي يطرق بابهم في وضح النهار يطرح غرضه بوضوح، وستجدينه بعد الزواج يحرص عليك وعلى مشاعرك أكثر من حرصه على نفسه... ادعي الله، واطلبي منه العون والتوفيق.


د. زهرة وهيب خدرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق