انتفض واخرج من أعماقك
الكثير من الحدود والمعيقات غير موجودة على أرض الواقع،
إنما نفرضها نحن حول أنفسنا في أعماقنا، فنتذرع بها لتبرير جمودنا في مكاننا وعدم التقدم
إلى الأمام، نفعل ذلك لأننا نخاف المجهول والأخطار المحتملة التي ربما يحملها في
ثناياه، كما نخشى الفشل، فنفوسنا لا تحتمل السقوط أرضاً بعد أن بنينا لأنفسنا
مكانة اجتماعية وعودنا أنفسنا على نمط مريح من الحياة، ليس هذا فقط وإنما ترانا لا
نمتلك كمية كافية من الثقة بالنفس لنقوم ببعض التغيير في حياتنا لنصبح أفضل مما
نحن عليه الآن، لهذه الأسباب جميعاً؛ ترانا نتسمر في مكاننا، ونرضى بما وصلنا له
وما حققناه، ونقنع أنفسنا بأننا وصلنا نهاية السلم... فآن لنا الأوان أن تستريح...
وهناك سؤال يطرح نفسه هنا بقوة؛ وهل يوجد هناك راحة في هذه الأرض التي شقي نبي
الله آدم عندما نزل إليها؟ أليس الخلود إلى الراحة هو بداية طريق الانحدار والهبوط
والتراجع؟
لا تبادر إلى إقامة الحدود حول نفسك، فلا يوجد شيء ينقصك
حتى تصبح أفضل, أقوى, أكثر ثراء وذكاء ومهارات, بل حتى أسرع أو أجمل، فستصبح
عظيماً إذا كنت تريد أن تكون من العظماء، فعملت لذلك بكل قوتك، وستصبح قائداً إذا
اردت ذلك وجندت له همتك وعقلك وإمكانياتك وهكذا دواليك. فأنت إنسان؛ حباك الله
بالكثير من الإمكانيات التي تؤهلك لإعمار الأرض وتصدر المقدمة، فكل شيء موجود بالفعل
بداخلك فقط عليك ان تبحث عنه في ثنايا نفسك وشخصيتك... الكثير الكثير من القدرات مدفونة
داخلنا لا نعلم عنها شيئاً... نتمنى لو أننا نمتلها لنكون كأناس آخرين حازوا على إعجابنا
لأنهم امتلكوها، ولا ندرك بعقلنا الواعي أنها موجودة داخلنا، وهي بحاجة فقط لأن ننفض
الغبار عنها ونوقظها من سباتها العميق الذي تغرق فيه منذ سنوات طوال لأننا تركناها
خاملة في مكانها فلم نزعجها...
ما عليك سوى أن تخلو بنفسك بعض الوقت، فتحدد ما تريد (أن
تضع هدفاً تعيش من أجل تحقيقه)، ثم ترسم خطوطاً واضحة تحدد من خلالها آلية تحقيق ذلك
الهدف، ثم تحشد همتك وطاقاتك وتنطلق بقوة... لتجعل ما كان يبدو حلماً بعيد المنال واقعاً
ملموساً تشاهده بأم عينك.
تذكر... ستواجهك الكثير من التحديات... التي ستجدها عقبات
تحول دون بلوغك مرامك... ولكن لا تستسلم... بل ثابر وتابع وتحمل وتحدى... لا تشفق
على نفسك لأنك تعب مرهق لا تنام جيداً ولا تفعل الأشياء التي يفعلها جميع الناس
العاديين والتي تحبها أنت أيضاً... ولكنك لست إنساناً عادياً إنما أنت من نوع خاص.
ولا تقل يبدو أن ما أصبو إليه بات من المستحيلات... لا تعتقد بوجود شيء اسمه مستحيل...
فالمستحيل موجود فقط في عقول من مسهم سحر الكسل والتخاذل وفقدان الإرادة...
وتذكر أيضاً... الطريق المؤدية إلى النجاح فيها الكثير من
المطبات التي ستفقدك توازنك للحظات فربما تقع أرضاً... أرجوك... لا تتأثر! فالمطبات
العشوائية من أهم التضاريس الطبيعية لطريق النجاح، التي لن تصل إلى القمة من دون أن
تجتازها... لملم أجزائك واستعد توازنك وقف مرة أخرى، واستفد الدروس والعبر من هذه العثرات
حتى تتجنب حدوثها لاحقاً... لا تقل أخشى السقوط مرة أخرى... ولكن قل لم أبلغ المكان
الذي أطلبه بعد... فثابر وتحدى وتقدم بإصرار... فبلادك بحاجة لك ولقدراتك العظيمة
ولنجاحك وتفوقك!
اشحن معنوياتك دائماً بالإيجابيات وأبداً لا تخبو، فأحلك
الظروف والحالات تبطِّن داخلها خيراً ووريَ عن نواظرنا...
ولا تنسى... مكانك هناك في المقدمة لا زال شاغراً ينتظرك...
أليس له جاذبية لذيذة وطعم خاص ومميز يشدك إليه...
د. زهرة وهيب خدرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق