الاثنين، 16 نوفمبر 2015

صلاة الفجر... مصنع الرجال العظماء

صلاة الفجر... مصنع الرجال العظماء
من منا لا يعرف الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين... الذي أقعدته إعاقته وضعف جسده ورفعته همته إلى العلياء؟؟ عزيمته وإرادته وإصراره... هذه الصفات التي تحلى بها جعلته يقض مضاجع المحتلين، فيحاصرونه تارة ويحبسونه تارة أخرى ويقتلوه في الأخيرة عندما اعتقدوا أنهم بذلك يتخلصون من تأثيره العظيم في الناس... وكأنهم بقتله يرتاحون من عظيم أفكاره، ولم يعلموا أنهم بقتله أضافوا نيشاناً جديداً على صدره... ولم يتمكنوا من انتزاعه من قلوب الناس الطاهرين المؤمنين.
فعلى الرغم من إعاقة الشيخ التي قد يجد الكثيرين بها سبباً للقعود في البيت وأداء الصلاة فيه، إلا أنه كان يصر على الخروج والصلاة في المسجد... فكتب الله له الشهادة خلال خروجه من صلاة الفجر، لتكون شاهداً تشهد له أمام الله، حينما يأتي يوم القيامة وقد أدى صلاته...
أن تصلي الفجر يعني أن تصحو وأنت في قمة نومك، وتقوم من فراشك الدافئ المريح، لتتوضأ وتصلى ركعات... صحيح أن تلك الركعات خير من الدنيا وما فيها... إلا أنها صعبة على النفس، فمن صلب الراحة تقوم على عجل، لأن النداء قد دعاك للخروج لتقف بين يدي الله...
صلاة الفجر.. مصنع الأبطال والمجاهدين والعظماء، هي ملتقى التقاة والصابرون والباحثون عن الرفعة والقبول والتوفيق، هي معهد لتعليم الرجولة والعظمة والتقدم... هي سر من أسرار النصر والتمكين... ولهذا سطر لنا التاريخ حكايات العظماء الذي استشهدوا في طريقهم إلى أو من صلاة الفجر... كأمثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب... رضي الله عنهما.
فكم منا نحن الآباء والأمهات نوقظ أبناءنا قبل أذان الفجر، ليتقربوا إلى ربهم بركعات عظيمات، يدعون الله للأمة ولأنفسهم ولأحبتهم؟ كم واحد منا يطلب من ابنه أن ينام مبكراً لأن هناك صلاة فجر بانتظاره، فإن تأخر في النوم فلن يكون نشطاً حين يستيقظ لأدائها؟ كم بيت من بيوتنا تراه مضاءً قبل أذان الفجر، ينطلق القرآن من جوفه ويتسابق أهله للوضوء والصلاة قبل فوات الوقت؟
أيُنصر المسجد الأقصى ونحن نتهاون بهذه الفريضة التي تغرس العزم وقوة البأس والصبر في النفوس، فنؤخرها مرة، وتفوتنا مرات؟ أيُحرر المسجد الأقصى والأسر المسلمة تسهر حتى ساعات متأخرة من الليل على أفلام ومسلسلات ومقاطع فيديو؟ أيُنصر الإسلام ويُرفع الظلم عن أهله وأبناؤه يضيعون الكثير من وقتهم على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى أكثر من الوقت الذي يقضوه في تلاوة القرآن وتَعَلُم شؤون دينهم وصلة أرحامهم؟ أيستطيع أناس أن يصمدوا أمام عدو الله وعدوهم ويقاتلونه حتى يغلبونه وينتصروا عليه بإذن الله، وهم لا يستطيعون أن يغلبوا أنفسهم لينهضوا من النوم ويقفوا بين يدي الله؟
تنقصنا نحن المسلمين في هذا الزمان المر الهمة العالية، والإرادة الصلبة، والعزم الثابت، وتعوزنا الأخلاق الرفيعة الراقية التي تميزنا عن غيرنا من الناس، ولن يصقلنا شيء مثل صلاة الفجر في وقتها... ولن يجلب لنا النصر والتمكين على أعداء الله مثلها، ولن يعلم أبنائنا الرجولة حتى يتمكنوا من استعادة المسجد الأقصى وبقية المسلوب من الأرض والحقوق والحريات مثل ركعات الفجر...
فكن من أهل الفجر الذي أقسم الله به في كتابه الكريم، واطرب سمعك بنداء الله أكبر... الله أكبر... لا إله إلا الله... الصلاة خير من النوم... هبُّوا أزيلوا الغطاء عن أجسادكم ونفوسكم ولبوا النداء.... واخرجوا في الظلام، ليس لدنيا تصيبونها، ولا لأموال تطلبونها، وإنما لله ولقربة ولطلب رضاه.
قال صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» رواه الترمذي وابن ماجه.

د. زهرة خدرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق