الاثنين، 1 أبريل 2019

"فلنذبح غزة.. فليس من حقها أن تعيش"


"فلنذبح غزة.. فليس من حقها أن تعيش"

صورة ذات صلة
سأحدثكم اليوم عن غزة.. عن تلك البقعة البائسة التي سببت الكثير من المشكلات، وأحرجت الكثيرين، فأعيروني قليلاً من صبركم، وأرجو أن لا تصابوا باليأس، وأن لا تسيطر على نفوسكم الكآبة، وأن لا تضغطوا على سهم الرجوع إلى الوراء حتى لا تقرأوا ما سأقول، أنا أعلم علم اليقين أن كثيرين يمقتون حتى مجرد سماع اسمها أو أي شيء عنها، فمنهم من صرح جهاراً نهاراً بأنه يتمنى لو يستيقظ صباحاً فلا يجد أثراً لها، لو أن البحر يغرقها، أو زلزال أرضي يبتلعها.. هو مستعد لعمل أي شيء للاستراحة منها، حتى لو كان التحالف مع الشيطان ليتخلص من الصداع الذي اسمه غزة.
أصل الحكاية أيها الأعزة، أن المدعوة غزة قد كشفت سوأة الجميع عندما أسقطت ورقة التوت عن عوراتهم.. فقد اختارت غزة أن تسبح عكس التيار، عندما اتخذت من المقاومة سبيلاً للتعامل مع "واحة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" تلك المسكينة المسماة بــ "اسرائيل"، ولنتذكر حقيقة أن "اسرائيل" ليست احتلالاً سلب الأرض، واغتصب المقدسات، ونهب خيرات البلاد، وأذل العباد، وركَّع كبار القادة والرؤساء فقبِلوا خانعين أن يجلسوا معها، ويوقعوا الاتفاقيات التي تقيدهم وتكمم أفواههم وتعطي لإسرائيل الحق فيما لا تملك.. فإسرائيل ليست كذلك.
القضية أن غزة "ركبت رأسها" ورفضت ما وافق عليه القادة والرؤساء، واختارت ما يصوره لها شيطانها أنه درب الأحرار، فخلعت عنها ثياب الرفاهية والراحة، واتشحت زي الخشونة والتحدي، وتمنطقت الرصاص والقنابل، وحملت البنادق الثقال على عاتقها، وانطلقت تخطط وتُدرب وتقاوم، وتحفر الأنفاق والخنادق.. وتدَّعي بأن في قلبها يقين بنصر الله، وصوب عينيها هدف عظيم.. دبَّ الرعب في قلب اسرائيل، فهي لم تعتد على هذه اللهجة منذ هزيمة العرب في حرب أكتوبر.. فإسرائيل فقط تأمر، وهناك من يطيع وينفذ، فما بال هذه المسماة غزة تشب عن الطوق؟؟ لا بد إذن من تأديبها، وإعادتها ذليلةٌ إلى الحظيرة.
اجتمعت جميع الأطراف المعنية بالقضية، وحتى غير المعنية، حاكوا مؤامرة كبيرة في الدجى.. الحصار هو الحل، أجل لا بد من الحصار، فهو فقط ما سيعيد الناشز صاغرة.. وبدأ التنفيذ.. أُغلقت المعابر، ومنع التنقل، وشُنت الحروب على كل شيء في غزة، الشجر والحجر والإنسان والحيوان، حرباً وراء أخرى.. لم يسلم منها شيء.. استشهد الأطفال، والنساء، والشيوخ، وهدمت البيوت فوق رؤوس ساكنيها، ولم تسلم من صواريخ المحتلين التي قذفتها طائراتهم المستشفيات والمراكز الطبية ومحطات توليد الكهرباء.
حصار وحروب لم تقتل غزة.. ولم تنهِ حياتها، بل خلفتها منهكة، تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية، فلا مياهها صالحة للشرب، ولا كهرباءها تصل للبيوت والشوارع والمؤسسات، فليل غزة ظلام دامس، أما مياه بحرها فملوثة تجلب الأمراض، وإذا سألت عن الخدمات الصحية والتعليمية ففيها نقص كبير، وبطالة تقهر الشرفاء فيها وتتركهم لقمة سائغة للفقر والبؤس يمضغ حياتهم ويلفظ مستقبلهم، وخريجون جامعيون بعشرات الالاف لا وظائف تحتويهم. وفي غزة أيضاً مرضى يعانون، فلا دواء في غزة يجدون، ولا تحويلات طبية لخارج غزة يأخذون.. فالمعبر لا يمكن فتحه، والتحويلات لا يمكن منحها لمرضى غزة، وكأنهم صنف آخر من غير صنف البشر. فماذا سيكون الضرر لو قضى بضعة مئات أو حتى آلاف لنقص في الماء والكهرباء والعلاج؟؟ لن يكون هناك ضرر.. بل يكونون قد أرحوا واستراحوا! ألم يقبلوا البقاء في بقعة قررت مقاومة "اسرائيل"، واتخذوا من الجهاد سبيلاً لهم؟ هم يستحقون ذلك لأنهم من غزة!.
في غزة، أن يصلك التيار الكهربائي على مدار اليوم دون انقطاع، فتعمل المروحة الكهربائية وتبرد عليك قليلاً من حر الصيف، وتبرد الثلاجة ماءك وتحفظ طعامك من التلف، وتضيء المصابيح الكهربائية بيتك دون أن تحتاج قناديل الشمع وفوانيس الكاز... ستحسب نفسك حينها أنك في الجنة.
وفي غزة، أن تعيش في بيتك بأمان، دون صواريخ تنذرك بأنها ستنهي حياتك في أية لحظة، ودون تهديدات بحرب لا تبقى ولا تذر ستباغتك في ليلة ظلماء، فتجد أنك تنتظر الغد المغرق بالأمل بشوق... فتلك أحلام عزيزةٌ بعيدة المنال.
ورغم فقر غزة وبؤسها وانعدام الإمكانيات ومقومات الحياة فيها، رغم كل ذلك ففي غزة إبداع وابتكار وأفكار خلاقة قادرة على أن تغير العالم أجمع للأفضل، وليس غزة وحدها، وفي داخلها رغبة كبيرة بحياة تشبه الحياة.. حياة تليق ببشر.
فآه لك يا غزة!! كم أستغرب منك.. فماذا تكونين؟ لم يفت الحصار في عضدك، ولا زلت تحلمين بالحياة من وسط الركام والدمار والموت، ولا زال الأمل يغرس بسمته على شفاهك..
ولكن: ولأنك قد أفسدت هدوء الجميع وأحلت أيامهم إلى كوابيس، فقد قررنا أن نذبحك يا غزة، ونتخلص من كبريائك وعزة نفسك.. فأنت، لا حق لك في الحياة.. أمامك خيار واحد فقط، إما المشي وراء القطع من أجل حفنة شعير وغرفة ماء، أو تنفيذ الحكم فيك.. فانظري ماذا تريدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق