الأربعاء، 26 أغسطس 2015

عندما تغلق كل السبل... ما هو الحل؟

عندما تغلق كل السبل... ما هو الحل؟

عندما يصبح كبت كل صوت مطالب بنوع من الحرية مهما كانت حق شرعي لبني البشر، هو سيد الموقف وقائده، كيف سيصبح عليه الحال؟ عندما يتم الانقلاب على من استلموا دفة الحكم من خلال صناديق الاقتراع (التي أصبحت الديموقراطية توزن بميزانها)، فيسجَنون ويحاصَرون ويحارَبون ويقتَلون، لا لجريمة ارتُكبت، ولكن لأن هناك قوانين وقواعد لقيطة أقرت بأن القيادة والصدارة محرمة على الإسلام وأهله، فتارة تلصق بهم تهمة البدائية والوحشية فهم لا يصلحون للقيادة في عصر التكنولوجيا والتقدم، وتارة يتهمون بالتطرف، وتارة أخرى بالإرهاب... ولم يقف الحال هنا... بل ما زال في انزلاق حثيث إلى الأسفل، فمن حال سيء إلى حال أسوء وأقسى وأكثر فتكاً وإمعاناً في الأذى منه! وتجاه هذا الحال، ماذا سيكون الحل؟

عندما يُعتَدى على نصراني أو يهودي تلصق التهمة مباشرة بالمسلمين حتى قبل أن يتم التأكد من الفاعل، وتدرج القضية تحت مسمى الإرهاب والتطرف، ويبدأ القريب قبل الغرباء بالعزف على موشح خطر المتطرفين والإرهابيين الذين اتخذوا من الدين عباءة يتسترون بها أمام جرائمهم، بينما إذا كان المعتدى عليه مسلم، طفلاً كان أو امرأة أو بيتاً يعود لمسلم أو شجرة في أرض المسلمين، فإن الألسنة تخرس عن الكلام وتهجر الكلمات أصحابها، فتعجز الأفواه عن النطق فلا تنديد ولا تهديد ولا تهم... بل تسمى بأبسط المسميات وأقلها وقعاً على النفس، فيعتبر المعتدي مريضاً نفسياً أو عصبياً بطبعه أو ربما مدافعاً عن نفسه وربما أصبح أيضاً مدافعاً عن الإنسانية وحقوقها باعتدائه هذا... وأمام هذه الازدواجية في المعايير والمكاييل... كيف برأيكم يكون الحل؟

أُحرق التيار الأردني، قامت الدنيا ولم تقعد، فتغيرت قواعد اللعبة ووُضعت مخططات كاملة للأخذ بثأره والقضاء على قتلته، ونسي الجميع، بل تناسوا أن عائلات غزية بأكملها؛ بأطفالها ونسائها وشيوخها قد أُحرقت في حروب غزة الثلاث، وهدمت البيوت والعمارات فوق رؤوس ساكنيها حتى غدا الركام قبوراً لهم. ولغزة ولأهلها، لم تقف قوى العالم من غربيين أو عرب على السواء، ولم يتصدوا لإسرائيل حينها ويصفونها بالإرهاب، ولم يشكلوا تحالفاً دولياً لحماية أطفال غزة من بطش الصهاينة، وللقضاء على بني صهيون وإجرامهم.

كما نسي العالم أيضاً مجازر ميدان رابعة العدوية، ونسوا الجثث المتفحمة التي أُخرجت من تحت ركام خيام الاعتصام، ولم يوصف حينها عسكر مصر الانقلابيين بالإرهاب أو التطرف لأن التطرف ثوب مفصل فقط للإسلاميين، فهو لا يتسع لغيرهم، ولم يتحرك أحد ممن يصفون أنفسهم بالديموقراطيين لرفع الظلم عن هؤلاء الأبرياء.

كما ويتجاهل العالم أيضاً المجازر اليومية التي يحرق فيها شعب سوريا وأطفالها ونساءها بالبراميل المتفجرة التي لا تُبقي ولا تَذر، وأيضاً لم يكلف أحد "ممن يتصدرون الشعوب المتقدمة أو حتى العربية" نفسه عناء نصرة هذا الشعب المبتلى... وفي أكثر حالات الضيق... تراهم يُعربون عن قلقهم إزاء ما يجري... ويا ليت القلق يأوي طفلاً مشرداً أو يعالج جريحاً أو يطعم جائعاً أو يستر امرأة مات عنها زوجها أو حتى يكفن ويدفن جثة محروقة ...

أما الطفل المقدسي "محمد أبو خضير" بلبل الفجر الرمضاني، الذي لا بواكي له، والذي سقاه المستوطنون الصهاينة البنزين، وسكبوه على جسده، وأحرقوه حياً، وألقوه جثة متفحمة... فلم يعبأ العالم به، ولم يقلق لما حدث له، كما لم يشجب أو يستنكر أو يقف دقائق صمت وحداد، ولم ينطلق رؤساء الدول في مظاهرات رافضة لحرقه منددة بما جرى له، ولم ينْصَب اهتمام جميع صحف العالم والمحللين السياسيين والكتاب في قضية حرق أبو خضير حياً، صحيح أن بعض الصحف تناولت الحديث عنه، ولكن دون أن تطلق بكائيات طويلة ورثائيات يدونها التاريخ رفضاً لما حل به. أما قوانين الطفولة وحقوقها فقد تجاوزته، وأسقطته من سجلاتها، ولم تعتبره خرقاً يعاقب عليه القانون... لأنه مسلم فلسطيني... فلو كان مستوطن يهودي، لاختلف الأمر، فحينها تطبق القوانين، وتتغير المسميات، ولتوجب وضع حد للإرهاب والتطرف، ووقف خطره المستشري.

وأمام جميع هذه الأحوال وغيرها الكثير الكثير من المتناقضات المقززة الشاذة، والسبل المغلقة، والمستقبل المظلم، والمكاييل المختلفة التي يُكال بها حسب اختلاف الجهة التي تقوم بالشراء... أستحلفكم بالله... ما هو الحل برأيكم؟




د. زهرة وهيب خدرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق