الخميس، 22 سبتمبر 2016

سحر الكسل

نتيجة بحث الصور عن كسل


سحر الكسل
ماذا نريد من هذه الدنيا؟ لماذا نحن فيها؟ ماذا تريد الدنيا منا؟ أهي متع نحصل عليها؟ أم ساعات ننام فيها حتى الثمالة؟ أم هي كد وتعب بغيض يفرض نفسه علينا لنستطيع الاستمرار في الحياة وإلا لا حياة بدونه؟ هل الراحة الدنيوية هي هدف حياتنا الرئيسي؟ أم أنها حاجة نطلبها بعد كد وتعب طويل لنشحن أنفسنا وهمتنا بالطاقة مجدداً لنمتلك القدرة على إكمال المسير؟ كيف يكون الحال لو انحصر همنا في الحياة بالراحة الدنيوية والرفاهية؟ هل سيكون هناك شيء اسمه تطور وتقدم ونهضة لأمتنا؟ وأي الأمم هي التي تتطور وتتقدم؟ أتلك التي يخلد شبابها إلى الراحة والكسل؟ أم تلك التي يكون الإيمان والعمل شعارها؟ لماذا قيل "ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع"؟ وهل هو من الأمور المفصلية في حياة الأمم أن تزرع الأمة طعامها بنفسها وتصنع لباسها بيديها؟
يقال إن آدم عليه السلام عندما أُنزل من جنة الخلد التي كان يسكنها فكان إن اشتهى شيئاً، ما عليه إلا أن يتمنى ويطلب فيأتيه سعياً، إلى الأرض التي سيعمرها هو ونسله بعد ذلك، جاع هو وحواء زوجته، واشتهت نفسه الخبز، فعمد إلى الأرض فحرثها وبذر القمح فيها، وانتظر حتى نضجت سنابل القمح وتذهَّب لونها بعد عدة أشهر فحصدها، واستخرج حبيبات القمح من بين القش، التي طحنها وعجنها وخبزها ليأكل القمح في نهاية المطاف خبزاً يسد رمقه... فعلم البشر منذ ذلك الحين أن الأرض هي مكان للكد والتعب والشقاء... فإذا كان الحصول على لقمة العيش قد استهلك من أبينا آدم كل هذا العناء فكيف بباقي متطلبات الحياة؟
ولكن لا يجب ننسى أن للكسل سحرٌ خاص، فالفراش يجذبك إليه... دفئه، نعومته، الراحة التي تجدها فيه لذيذةٌ يصعب مقاومتها... والقعود وممارسة ما تحب وتلبية رغباتك أيضاً لها جاذبيتها التي لا يستطيع كثيرون مقاومتها. ولكن... هل الخلود للراحة والقعود وممارسة الرغبات واللذائذ بمختلف أنواعها التي لا يمكن حصرها يمكنها أن ترقى بك وتعلي قدرك؟ هل الخلود للراحة والكسل يجعلانك تتذوق طعم النجاح ويدرئان الأعداء عن بلادك ويقدمان أمتك لقيادة الأمم؟
أليس الشباب وقود الأمم؟ كيف يكون حال الأمة بشباب جعلوا همهم متع الحياة اللحظية الزائلة، فلم يطلبوا العلم أو يقاوموا المحتل أو يبنوا بلادهم فيبذلون قصار جهدهم في الوصول لما يريدون، فلم يناموا الليل إلا قليلاً، ولم يلعبوا أو يضيعوا أوقاتهم في النهار، ولم تفتر عزائمهم، لأن هناك أمةٌ وأوطان بحاجة لجهدهم وعلمهم وجهادهم؟ كيف يكون الحال إذن إذا ابتعد الشباب الذين يملكون الصحة والطاقة للعمل عن أي طريق فيه مغامرة وابتكار وإبداع، واختاروا فقط طريق الوظائف التي يدفن الشاب فيها طاقاته وهمته لأن فيها راحة وراتب ثابت، حتى أصبحت البلاد من أولها لآخرها ليست إلا طوابير من الموظفين الذين لا يقدمون شيئاً يذكر للوطن، إنما هو مسمى وظيفي يحصلون عليه له دخل ثابت في نهاية كل شهر (مهما قل هذا الدخل)؟
ما أحوجنا لشباب ينفضون عن أنفسهم غبار الكسل يضعون نصب أعينهم هدف عظيم، يعملون لأجل الوصول إليه ليل نهار، لا تفتر عزائمهم ولا تتبدد طاقاتهم، لأنهم يجدون في هدفهم الذي يصبون لتحقيقه مولداً للطاقة يشحن همتهم باستمرار.
ما أحوجنا لشخصيات عظيمة كعمر بن الخطاب والعز بن عبد السلام وعماد الدين زنكي، ومحمد الفاتح، والشهيد المجاهد سيد قطب والشهيد الشيخ عز الدين القسام، والحاج المجاهد الشهيد عبد الفتاح خدرج، والشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي والشيخ المجاهد خضر عدنان... الخ... من الأسماء العظيمة اللامعة في تاريخ أمتنا... الذين كانوا أطفالاً عاديين ولكنهم وضعوا نصب أعينهم أهدافاً عظيمة... ربما كان من حولهم يشفقون عليهم منها لكِبرها بالنسبة لهم ولكنهم آمنوا بها وبقدرتهم على الوصول إليها... فحققوا ما لم يستطع غيرهم تحقيقه... فلم يتمكن التاريخ المرور عنهم هكذا مر الكرام إنما أصر أن يخلد لنا أسمائهم وذكرهم.  وأنا أؤمن بأن كل منا يستطيع أن يصبح كهؤلاء... إن نفض غبار الكسل عن نفسه ولم يسحره بريقه الأخاذ فيفسد عليه دنياه وآخرته...
إخوتي في الله... ليسأل كل منا نفسه: ماذا يريد من هذه الدنيا؟ ولا تنسوا أن الأمر لا ينتهي بنهايتك في هذه الدنيا لأن هناك حياة عند الله نسأل الله أن تكون أفضل مما نحن فيه الآن، فليضع كل منا نصب عينيه هدف عظيم يريده وليجهد نفسه في الوصول إليه... فأمتنا بحاجة للعلماء، والفقهاء، والأطباء، والمجاهدين والمهندسين والبنائين والأمهات والآباء وغيرهم... نحن بحاجة لمن يتقن عمله ويقدمه لله ولرفعة أمته على أكمل وجه... على أن لا يؤثر مصلحته الخاصة على مصلحة الأمة...
انفضوا غبار الكسل عن أنفسكم وانطلقوا للعمل فالوطن بأمس الحاجة لكم ولطاقاتكم.
وقبل أن أغادركم أذكركم بأبيات الشعر القائلة:
تجري الرياح كما تجري سفينتنا**** نحن الرياح و نحن البحر و السفنُ
إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ**** يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجن
فاقصد إلى قمم الأشياءِ تدركها**** تجري الرياح كما شاءت لها السفن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق