الجمعة، 9 سبتمبر 2016

أحلام الطفولة

أحلام الطفولة

إذا كنت في أمر مروم**** فلا تقنع بما دون النجوم

في صغري حلمت كثيراً بأن أصبح رائدة فضاء، تخيلت نفسي بملابس رواد الفضاء المنفوخة داخل مركبة فضائية تحط على المريخ، وتدرس تربته وغلافه الجوي... كانت معلماتي وزميلاتي وجميع من حولي يسخرون مني، ويتندرون على حلمي... إلا أبي، فقد كان يصدق أحلامي، ويشجعني، ويشتري لي الكتب العلمية، ويشجعني على قراءتها، ويعلن عن استعداده دوماً لبذل كل ما لديه من أجل تعليمي ما أريد... كبرت، وصغرت الأحلام، عندما علمت بأن الفلسطيني خياراته محدودة، وجنسيته لا تعطيه الحق في وصول جميع الأماكن التي يرغب في العالم، ولكني لم أستسلم، بل تابعت الدراسة والقراءة والتعلم، وعاهدت نفسي على عدم العيش على الهامش، رفضت إلا أن أكون امرأة غير عادية، لديها الكثير لتعطيه لمجتمعها ووطنها ودينها... حفزت نفسي وبحثت عن كل ما يُعلي الهمة... وجدت حتى الآن درباً صعباً جداً، فيه الكثير من التعب والألم والمعاناة... وفيها مشاعر جميلة وبعض لحظات السعادة... كانت النجوم أحلامي... والآن أعمل لترك سيرة تلمع كالنجوم.

في طفولتنا نربط كل الأحلام بالكبر، فتكون أول جملة يقولها كل طفل: عندما أكبر سأفعل، عندما أكبر ســــــــــــ... وهكذا، يرهن حياته الحالية بقدوم المستقبل البعيد، وعندما يحدث أهله ومن حوله بما يحبه ويحلم بتنفيذه، تراهم في معظم الأحيان يضعون الحواجز أمامه عندما يقولون له: لا زلت صغيراً الآن، أترك هذا الكلام حتى تكبر، ولكن ما تتحدث عنه صعب ولا تسمح ظروفك بالوصول إليه... فتراهم لا يساعدوه أو يعلموه أو يأخذوا بيده ليبدأ شق طريقه منذ تلك اللحظة التي بدأ يحلم فيها، ليحيل ذلك الحلم إلى واقع... بل على العكس، يثبطوا همته ويصروا على أن يجعلوا منه إنسانياً عادياً ليس هناك ما يميزه.

ليتذكر كل منا الأحلام العظيمة الجميلة التي دارت في خلدنا في فترات مضت وأرقتنا وسلبت النوم من جفوننا في طفولتنا أو صبانا أو بواكير شبابنا، ما أجملها وأروعها! ما الذي منعها من أن تصبح واقعاً يا تُرى؟ فهل أصبحنا أو أننا في طريقنا لأن نصبح أطباء، أو مهندسين، أو علماء آثار، أو صحفيين كبار، أو رواد فضاء، أو مدراء مدارس، أو قادة عظام، أو... أو... كما كنا نحلم؟ لماذا يا تُرى؟
يقول أحد مدربي التنمية البشرية العالميين: "اجعل لنفسك أعلى وأروع رؤية ممكنة الآن، لأنك غداً ستصبح ما كنت تعتقده اليوم"! فإذا كنت تعتقد نفسك قوياً وقادراً على تحقيق حلمك، فإنك ستحققه بالفعل.

عندما تؤمن بحلمك، وتصيغ طموحاتك وأحلامك على شكل أهداف تضعها نصب عينيك، وتصرُّ على بلوغها، عندها فقط تكون قد سلكت الطريق الصحيح الذي يحيل الحلم إلى واقع تعيشه. ثابر وكابد الصعاب... ذللها... تحدى نفسك، وتخيل نفسك باستمرار وقد بلغت ما تريد... تذوق طعم النجاح الذي حققته، استشعره، وقد أصبح واقعاً.

لا تلعب مع أطفالك أو أي أطفال تجعلك الأقدار تتعامل معهم، نفس الدور الذي لعبه الكبار معك عندما كنت صغيراً، اصغ لأحلامهم، اتركهم يتخيلونها ويتحدثون عنها، ويصفون مشاعرهم تجاهها، والعب دوراً إيجابياً تجاه أحلامهم، احترم مشاعرهم وأحلامهم وقدِّرها، وجههم الوجهة الصحيحة التي تعينهم في بلوغ الحلم، علمهم الإصرار والمثابرة والجَلد، شجعهم على وضع هدفٍ نصب أعينهم منذ صغرهم، أثنِ عليهم، وأكد لهم دائماً بأنك تثق بقدرتهم على بلوغ تلك الأحلام والطموحات، وعندما تواجههم الصعوبات والتحديات، شجعهم على الاستمرار، وذكرهم بأن طريق النجاح وعر وصعب، فلا يمضي فيه إلا المثابرون المميزون المتفوقون...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق