الأحد، 25 سبتمبر 2016

في طريقي إلى المجهول



في طريقي إلى المجهول

منذ بداية ارتباطي به كان الخوف سيد الموقف في نفسي، ليس الخوف منه، وإنما الخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظرني… فمنذ صغري كنت أرى الرجال أنانيين اتكاليين يحبون السيطرة المطلقة… كَبُرت وبقيت هذه الصورة في عقلي رافضة أن تتغير رغم ما حظيت به من علم وخبرات في مجالات كثيرة من الحياة… ربما لرؤيتي الكثير من الأمثلة السيئة للحياة الزوجية خلال دراستي وعملي واحتكاكي بالمجتمع من حولي.
فهل سيكون مثل باقي النماذج من الأزواج الذين رأيتهم وعرفت عنهم الكثير؟ هل ستصبح حياتي حكراً له ولأسرته وأنا صاحبة الأحلام الكبيرة والطموحات العظيمة؟ هل سيقبل بأحلامي هذه ويساعدني على تحقيقها؟ أم أنه سيقف عقبة دون الوصول؟ هل سيختزل المعرفة العلمية الواسعة التي أمتلكها في معرفتي بالطبخ وباقي الأعمال المنزلية لأن المعرفة العلمية لا تشبع معدة جائعة؟ وهل سيقوم بتقييم أدائي كزوجة وأم وربة بيت، بما أتقنه من فنون الطبخ ومهارات  ترتيب البيت، أم أنه سيأخذ بعين الاعتبار مهاراتي في الاتصال والتواصل معه ومع المجتمع من حوله، ومهارات تنظيم الوقت ومهرات حل المشكلات ومهرات صناعة السعادة الزوجية ومهارات تربية الأبناء على أسس علمية ونفسية ليصبحوا ناجحين ومبدعين وقادة ودعاة ومجاهدين؟ وهل سيتقبل تقصيري في بعض الجوانب الذي يفرضه علي عملي خارج البيت برحابة صدر وتَقَبُل؟ أم سيعقد المحاكمات لمحاكمتي على كل صغيرة وكبيرة ويطلق بعدها الأحكام التي يراها مناسبة دون إتاحة الفرصة لي بالدفاع عن نفسي؟ وهل سيعاملني كمصباح علاء الدين السحري الذي لم يُخلق سوى لتلبية الطلبات والرغبات وينسى في خضم الحياة الزوجية أنني بشر لديها الكثير من الاحتياجات والطلبات والرغبات أيضاً؟ وهل هو مستعد لاقتطاع جزء من الوقت المخصص له وللأسرة، لي أنا، لنفسي، لأتعلم وأدرس وأكتب وأطلع على آخر المستجدات العلمية والسياسية في ذلك الوقت؟ أم أن هذه الأشياء حكراً للرجال دون النساء في هذا المجتمع الذكوري الذي لا يعترف إلا بالرجال؟ وهل يا تُرى سيحبُني بكل ما فيَّ من مكامن للجمال والذكاء والحكمة والنقائص والعيوب والأخطاء؟
لطالما أرقتني تلك الأفكار والتساؤلات وغيرها وشغلت بالي كثيراً… بل وأبكتني خوفاً من المستقبل القريب الضبابي الذي أسير إليه بإرادتي رغم عدم اتضاح الرؤية أمامي، راغبةً باستكشافه والاطلاع على أسراره… صحيح أنه يحمل الشهادات العليا ولكن الشهادات لا تعني بالضرورة الثقافة وتقبل الآخر والذكاء الاجتماعي الذي يقود إلى نجاح العلاقة الزوجية وتأسيس أسرة صالحة عمادها التفاهم والوفاق، خاصة وأنني شخصية صعبة وحساسة وطموحة وترفض أن تكون امرأة عادية تعيش على الهامش…
تأرجحت مخاوفي ما بين مد وجزر حتى انتقلت إلى بيته لأبدأ مرحلة جديدة في الحياة اسمها الزواج… حيث بدأ يجيب على تساؤلاتي الكثيرة والتي تدور في نفسي ولا تجري على لساني بأفعاله وتصرفاته وأفكاره التي يطرحها، لأجد رجلاً تعجز الكلمات عن وصفه، وجدت أمامي رجلاً ودوداً لطيفاً طيباً يفيض شهامة ورقيّ، لم ينصِّب نفسه قاضياً كما خشيت، ولم يجعل من نفسه عقبة تسد الطريق أمام طموحي وأحلامي ونجاحي وتفوقي كما اعتقدت… بل وجدت فيه خير معين على التقدم والتطور والتميز، رفض طوال الوقت أن أكون خلفه، بل إلى جانبه نسير معاً، نخوض الصعاب والمحطات الكثيرة، يستأنس كل منا برأي الآخر ودعمه… لننجح في نهاية المطاف في تحقيق الهدف الذي من أجله ارتبطنا وقررنا إنشاء أسرة.
قالوا قديماً: إن وراء كل رجل عظيم امرأة، وأنا أقول: إن إلى جانب كل امرأة عظيمة يقف رجل عظيم…

#الدكتورة_زهرة_خدرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق