الخميس، 22 سبتمبر 2016

قيود غير مرئية

نتيجة بحث الصور عن قيود

قيود غير مرئية
تزخر حياتنا بالكثير من القيود التي تقيد تفكيرنا وحركتنا بل وإبداعنا وتطورنا وانطلاقنا لنغير أنفسنا وواقعنا الرديء الذي نعيشه وتقدمنا لتحرير أرضنا من كل محتل وظالم وطاغي... هذه القيود تجعلنا فريسة سهلة الذل والخنوع، تفقدنا شجاعتنا وثقتنا بأنفسنا بل وبإيماننا بخالقنا فنصبح مجرد جبناء مترددون سلبيون نخاف الريح إن عوى والرعد إن قصف مقتنعون أن العالم كه يجب أن يتغير بينما نحن غير قادرين على تغيير أنفسنا...
إذا قيدك أحد ما ستشعر نفسك بأنك أسير، مستعبد، مسلوب الحرية... وستقاوم وربما تدفع روحك فداء لفك تلك القيود... لأنك تأبى الذل على نفسك، وتأبى أن يجرك أحد كائن من كان بتلك القيود إلى حيث يشاء... بينما تجدنا نقيد أنفسنا بقيود غير مرئية، فنتعايش معها ونتقبلها ونتصور أنفسنا أحراراً... على الرغم من أنها تستعبدنا ولكنها تخدعنا لأنها نشأت معنا في عقولنا وقلوبنا وأرواحنا فلا نشعر أنفسنا عبيداً...
هذه القيود خبيثة سيئة لأنها تفرض نفسها علينا فلا نرفضها بل نتقبل وجودها ونتعايش معها على أنها أمر واقع... نحن لا نستطيع رؤيتها، فهي ليست لدائنية مرنة، أو نسيجية لطيفة، كما أنها ليست معدنية صلبة أو زجاجية هشة، إنما هي قيود معنوية ونفسية قاسية مماطلة ومتلونة كما الحرباء، تختفي في قرارات عقولنا وقلوبنا ونفوسنا، تخيفنا من المجهول ومن خوض أي تجربة جديدة لا نعرف عنها شيئاً... فنحجم عن المسير، ونلزم أماكننا ولا نتقدم نهائياً لا لشيء إلا لأننا نخاف، ونحسب ألف حساب لكل خطوة قبل أن نخطوها... فترانا ننهزم قبل أن ندخل المعركة ونهرب قبل أن نصل بعد إلى بداية الطريق.
تتمثل هذه القيود في مخاوفنا، وأوهامنا، وظنوننا، وسلبيتنا، وعاداتنا السيئة، وسيطرة رغباتنا علينا، وحصرنا للخيارات أمامنا، والتقليل من قيمة ما نملكه من قدرات وما نقدمه من ابتكارات وإبداعات، وعدم قدرتنا على التخلص من الهزائم النفسية التي ألحقناها بأنفسنا بسبب تضخيمنا لقوة الأعداء وإمكانياتهم وتصغيرنا في الوقت ذاته  لقوتنا وطاقاتنا... فنبقى حبيسي الأوهام وسجنائها... فأن تحمل الخوف معك أينما تذهب... أن تحمله في داخلك، ليحدد لك خطواتك ويقيد قراراتك... يعني أنك أسير له... سجين بين جدرانه، في زنازينه، ترفل في قيوده...
لا تنحصر مشكلتنا في أننا نحاصر أنفسنا بالمخاوف والأوهام والاعتقادات والعادات التي نشأت معنا وإنما تمتد لتؤثر في الطريقة التي نحيا بها والقيم التي نرضاها لأنفسنا، والحق الذي نتخلى عنه في كثير من الأحيان والمواقف ليس لأننا لا نعرفه، فمعظمنا يعرفه تمام المعرفة، ولكن لأننا نتخاذل فلا نستطيع رفع أصواتنا مجلجلة يسمعها الجميع مقرِّين بأن هذا هو الحق، وهذه هي سبيله... فلا نقف إلى جانبه ولا نسانده ولا ندعم خطاه... بل غالباً ما نكتفي بأضعف الإيمان، فننكر الباطل في قلوبنا فقط، وتعجز ألسنتا عن الإفصاح بأن هذا باطل بوَّاح... والسبب هو القيود غير المرئية، فالخوف يأسرنا ويسيِّرنا على دربه... وبما أن الباطل أحد أقرب حلفاء الخوف وأشدهم تأثيراً وبطشاً... فنحن على استعداد لأن نمالئه ونخطب وده عساه يكف أذاه عنا... فتسقط ورقة التوت غصباً عنا لتتكشف عوراتنا وينفضح سترنا ونزداد هزيمة فوق هزائمنا...
ما أحوجنا للأباة الأحرار، الشجعان الواثقون من أنفسهم، الإيجابيون الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فلا القيود تقيدهم ولا الشدائد تهزهم، الذين إن تعثروا لأي سبب كان لا ينهزموا ويقعدوا إنما ينفضون الغبار عن أنفسهم وينتصبوا مرة أخرى ويسيرون للأمام بخطى واثقة معتمدة على الله... يخوضون غمار التجارب الجديدة ويبتكرون الحلول لجميع المشكلات بعد العديد من الإخفاقات... ولا ينسون أن لمن يجتهد ويخطئ أجر واحد ولمن يجتهد ويصيب أجران... لهذا هم دائمو الحركة والمحاولة، لا يضرهم من خالفهم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق